تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ١٠٤
له مبين له فلا وجه لمنع وجود الفائدة وبأن كون خروج المستثنى من حكم المستثنى منه معلوما هنا غير معلوم لمكان الخلاف في اشتراط بقاء الفعل وبأن الفائدة الجديدة في المنقطع التي يعرى عنها المتصل غير ظاهرة، وقال أيضا: لا يقال لم لا يجوز أن يكون المستثنى منه هو الفاسقون ويكون الاستثناء لإخراج التائبين منهم في الحكم الذي هو الحمل على أولئك القاذفين والإثبات له فإن الاستثناء كما يجوز من المحكوم به يجوز من غيره كما يقال: كرام أهل بلدتنا أغنياؤهم إلا زيدا بمعنى أن زيدا وإن كان غنيا لكنه خارج عن الحمل على الكرام لأنا نقول: فحينئذ يلزم أن يكون التائبون من الفاسقين ولا يكونوا من القاذفين والأمر بالعكس، وقد يقال: إن الاستثناء منقطع على معنى أنهم فاسقون في جميع الأحوال إلا حال التوبة، ولا يخفى أنه يحتاج إلى تكليف في التقدير أي إلا حال توبة الذين الخ أو إلا توبة القاذفين أي وقت توبتهم على أن يجعل * (الذين) * حرفا مصدريا لا اسما موصولا وضمير * (تابوا) * عائدا على * (أولئك) * وبعد اللتيا والتي يكون الاستثناء مفرغا متصلا لا منقطعا انتهى فتأمل.
* (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشه‍ادة أحدهم أربع شه‍ادات بالله إنه لمن الص‍ادقين) *.
* (والذين يرمون أزواجهم) * بيان لحكم الرامين لأزواجهم خاصة وهو ناسخ لعموم المحصنات وكانوا قبل نزول هذه الآية يفهمون من آية * (والذين يرمون) * الخ أن حكم من رمى الأجنبية وحكم من رمى زوجته سواء فقد أخرج أبو داود وجماعة عن ابن عباس قال: لما نزلت و * (الذين يرمون المحصنات) * الآية قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار: أهكذا أنزلت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الأنصار ألا تسمعوا ما يقول سيدكم؟ قالوا: يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا وما طلق امرأة فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته فقال: سعد والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من عند الله تعالى ولكني تعجبت إني لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء فوالله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته قال: فما لبثوا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد عليه واجتمعت الأنصار فقالوا: قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام هلال بن أمية وتبطل شهادته في المسلمين فقال: هلال والله إني لأرجو أن يجعل الله تعالى لي منها مخرجا فقال: يا رسول الله إني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله تعالى يعلم إني لصادق فوالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يأمر بضربه إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام الوحي وكان إذا نزل عليه عليه الصلاة والسلام الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت * (والذين يرمون أزواجهم) * الآية فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبشر يا هلال قد كنت أرجو ذلك من ربي، وقال عليه الصلاة والسلام أرسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا فقال: هلال والله يا رسول الله لقد صدقت عليها فقالت: كذب فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لاعنوا بينهما " الحديث، ومنه وكذا من رواية أخرى ذكرها البخاري في " صحيحه ". والترمذي؛ وابن ماجه يعلم أن قصة هلال سبب نزول الآية، وقيل: نزلت في عاصم بن عدي، وقيل: في عويمر بن نصر العجلاني؛ وفي " صحيح البخاري " ما يشهد له بل قال السهيلي إن هذا هو الصحيح ونسب غيره للخطأ، والمشهور
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»