وإضافة * (ذكر) * إلى الضمير تحتمل أن تكون من إضافة المصدر إلى مفعوله وأن تكون من إضافة المصدر إلى فاعله حسب اختلاف التفسير.
وقرأ السلمي. والنخعي. وأبو رجاء * (للذكرى) * بلام التعريف وألف التأنيث، وقرأت فرقة * (لذكري) * بألف التأنيث بغير لام التعريف، وأخرى * (للذكر) * بالتعريف والتذكير وقوله تعالى:
* (إن الساعة ءاتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى) * * (إن الساعة ءاتية) * تعليل لوجوب العبادة وإقامة الصلاة أي كائنة لا محالة، وإنما عبر عن ذلك بالإتيان تحقيقا لحصولها بإبرازها في معرض أمر محقق متوجه نحو المخاطبين * (أكاد أخفيها) * أقرب أن أخفي الساعة ولا أظهرها بأن أقول إنها آتية ولولا أن في الإخبار بذلك من اللطف وقطع الأعذار لما فعلت، وحاصله أكاد أبالغ في إخفائها فلا أجمل كما لم أفصل، والمقاربة هنا مجاز كما نص عليه أبو حيان أو أريد إخفاء وقتها المعين وعدم إظهاره وإلى ذلك ذهب الأخفش. وابن الأنباري. وأبو مسلم، ومن مجىء كاد بمعنى أراد كما قال ابن جني في المحتسب قوله: كادت وكدت وتلك خير إرادة * لو عاد من لهو الصبابة ما مضى وروي عن ابن عباس. وجعفر الصادق رضي الله تعالى عنهما أن المعنى أكاد أخفيها من نفسي، ويؤيده أن في مصحف أبي كذلك، وروى ابن خالويه عنه ذلك بزيادة فكيف أظهركم عليها، وفي بعض القراآت بزيادة فكيف أظهرها لكم، وفي مصحف عبد الله بزيادة فكيف يعلمها مخلوق وهذا محمول على ما جرت به عادة العرب من أن أحدهم إذا أراد المبالغة في كتمان الشيء قال: كدت أخفيه من نفسي ومن ذلك قوله: أيام تصحبني هند وأخبرها * ما كدت أكتمه عني من الخبر ونحو هذا من المبالغة قوله صلى الله عليه وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم تحت ظله " ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه " ويجعل ذلك من باب المبالغة يندفع ما قيل إن إخفاء ذلك من نفسه سبحانه محال فلا يناسب دخول كاد عليه، ولا حاجة لما قيل: إن معنى من نفسي من تلقائي ومن عندي، والقرينة على هذا المحذوف إثباته في المصاحف، وكونه قرينة خارجية لا يضر إذ لا يلزم في القرينة وجودها في الكلام. وقيل: الدليل عليه أنه لا بد لأخفيها من متعلق وهو من يخفى منه. ولا يجوز أن يكون من الخلق لأنه تعالى أخفاها عنهم لقوله سبحانه: * (إن الله عنده علم الساعة) * (لقمان: 34) فيتعين ما ذكر. وفيه أن عدم صحة تقدير من الخلق ممنوع لجواز إرادة إخفاء تفصيلها وتعيينها مع أنه يجوز أن لا يقدر له متعلق، والمعنى أوجد إخفاءها ولا أقول: إنها آتية.
وقال أبو علي: المعنى أكاد أظهرها بإيقاعها على أن أخفيها من ألفاظ السلب بمعنى أزيل خفاءها أي ساترها وهو في الأصل ما يلف به القربة ونحوها من كساء وما يجري مجراه. ومن ذلك قول امرىء القيس: فإن تدفنوا الداء لا نخفه * وإن توقدوا الحرب لا نقعد ويؤيده قراءة أبي الدرداء. وابن جبير. والحسن. ومجاهد. وحميد. ورويت عن ابن كثير. وعاصم * (أخفيها) * بفتح الهمزة فإن خفاه بمعنى أظهره لا غير في المشهور، وقال أبو عبيدة كما حكاه أبو الخطاب أحد رؤساء اللغة: خفيت وأخفيت بمعنى واحد. ومتعلق الإخفاء على الوجه السابق في تفسير قراءة الجمهور والإظهار ليس شيئا واحدا حتى تتعارض القراءتان. وقالت فرقة: خبر كاد محذوف أكاد آتي بها كما حذف في قول صابىء البرجمي: