تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٧٠
حين أمر خلعهما وألقاهما وراء الوادي * (طوى) * بضم الطاء غير منون.
وقرأ الكوفيون. وابن عامر بضمها منونا. وقرأ الحسن. والأعمش. وأبو حيوة. وابن أبي إسحاق. وأبو السمال. وابن محيصن بكسرها منونا. وقرأ أبو زيد عن أبي عمرو بكسرها غير منون؛ وهو علم لذلك الوادي فيكون بدلا أو عطف بيان، ومن نونه فعلى تأويل المكان ومن لم ينونه فعلى تأويل البقعة فهو ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث، وقيل: * (طوى) * المضموم الطاء الغير المنون ممنوع من الصرف للعلمية والعدل كزفر وقثم، وقيل: للعلمية والعجمة؛ وقال قطرب: يقال طوى من الليل أي ساعة أي قدس لك ساعة من الليل وهي ساعة أن نودي فيكون معملا للمقدس، وفي " العجائب " للكرماني قيل: هو معرب معناه ليلا وكأنه أراد قول قطرب، وقيل: هو رجل بالعبرانية وكأنه على هذا منادي، وقال الحسن: طوى بكسر الطاء والتنوين مصدر كثنى لفظا ومعنى، وهو عنده معمول للمقدس أيضا أي قدس مرة بعد أخرى، وجوز أن يكون معمولا لنودي أي نودي نداءين، وقال ابن السيد: إنه ما يطوى من جلد الحية ويقال: فعل الشيء طوى أي مرتين فيكون موضوعا موضع المصدر، وأنشد الطبرسي لعدي بن زيد: أعاذل إن اللوم في غير كنهه * على طوى من غيك المتردد وذكر الراغب أنه إذا كان بمعنى مرتين يفتح أوله ويكسر، ولا يخفى عليك أن الأظهر كونه اسما للوادي في جميع القراءات.
* (وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى) * * (وأنا اخترتك) * أي اصطفيتك من الناس أو من قومك للنبوة والرسالة. وقرأ السلمي. وابن هرمز. والأعمش في رواية * (وإنا) * بكسر الهمزة وتشديد النون مع ألف بعدها * (اخترناك) * بالنون والألف، وكذا قرأ طلحة. وابن أبي ليلى. وحمزة. وخلف. والأعمش في رواية أخرى إلا أنهم فتحوا همزة إن، وذلك بتقدير أعلم أي وأعلم أنا اخترناك، وهو على ما قيل عطف على * (اخلع) *، ويجوز عند من قرأ * (أني أنا ربك) * بالفتح أن يكون العطف عليه سواء كان متعلقا بنودي كما قيل أو معمولا لا علم مقدرا كما أختير.
وجوز أبو البقاء أن يكون بتقدير اللام وهو متعلق بما بعده أي لأنا اخترناك * (فاستمع) * وهو كما ترى، والفاء في قوله تعالى: * (فاستمع) * لترتيب الأمر والمأمور به على ما قبلها فإن اختياره عليه السلام لما ذكر من موجبات الاستماع والأمر به، واللام في قوله سبحانه: * (لما يوحى) * متعلقة باستمع، وجوز أن تكون متعلقة باخترناك، ورده أبو حيان بأنه يكون حينئذ من باب الأعمال ويجب أو يختار حينئذ إعادة الضمير مع الثاني بأن يقال: فاستمع له لما يوحى.
وأجيب بأن المراد جواز تعلقها بكل من الفعلين على البدل لا على أنه من الأعمال. واعترض على هذا بأن قوله تعالى:
* (إننىأنا الله لاإل‍اه إلاأنا فاعبدنى وأقم الصلواة لذكرى) * * (إنني أنا الله لا إل‍اه إلا أنا) * بدل من * (ما يوحى) * ولا ريب في أن اختياره عليه السلام ليس لهذا فقط والتعلق باخترناك كيفما كان يقتضيه. وأجيب بأنه من باب التنصيص على ما هو الأهم والأصل الأصيل، وقيل: هي سيف خطيب فلا متعلق لها كما * (في ردف) * لكم وما موصولة.
وجوز أن تكون مصدرية أي فاستمع للذي يوحى إليك أو للوحي، وفي أمره عليه السلام بالاستماع إشارة إلى عظم ذلك وأنه يقتضي التأهب له، قال أبو الفضل الجوهري: لما قيل لموسى عليه السلام استمع
(١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 ... » »»