لالتقاء الساكنين كما في " البحر ". وعن ابن أبي إسحاق * (عصاي) * بسكون الياء كأنه اعتبر الوقف ولم يبال بالتقاء الساكنين، والعصا من المؤنثات السماعية ولا تلحقها التاء، وأول لحن سمع بالعراق كما قال الفراء: هذه عصاتي وتجمع على عصي بكسر أوله وضمه وأعص وأعصاء * (أتوكؤا عليها) * أي أتحامل عليها في المشي والوقوف على رأس القطيع ونحو ذلك * (وأهش بها) * أي أخبط بها ورق الشجر وأضربه ليسقط * (على غنمي) * فتأكله. وقرأ النخعي كما ذكر أبو الفضل الرازي. وابن عطية * (أهش) * بكسر الهاء ومعناه كمعنى مضموم الهاء، والمفعول على القراءتين محذوف كما أشرنا إليه.
وقال أبو الفضل: يحتمل أن يكون ذلك من هش يهش هشاشة إذ مال أي أميل بها على غنمي بما يصلحها من السوق وإسقاط الورق لتأكله ونحوهما، ويقال: هش الورق والكلأ والنبات إذا جف ولأن انتهى. وعلى هذا لا حذف.
وقرأ الحسن. وعكرمة * (أهس) * بضم الهاء والسين المهملة من الهس وهو زجر الغنم، وتعديته بعلى لتضمين معنى الانحاء يقال: أنحى عليه بالعصا إذا رفعها عليه موهما للضرب أي أزجرها منحيا عليها. وفي كتاب السين والشين لصاحب القاموس يقال: هس الشيء وهشه إذا فته وكسره فهما بمعنى. ونقل ابن خالويه عن النخعي أنه قرأ * (أهش) * من أهش رباعيا.
وذكر صاحب اللوامح عن عكرمة. ومجاهد * (أهش) * بضم الهاء وتخفيف الشين المعجمة ثم قال لا أعرف وجهه إلا أن يكون بمعنى أهش بالتضعيف لكن فر منه لأن الشين فيه تفش فاستثقل الجمع بين التضعيف والتفشي فيكون كتخفيف ظلت ونحوه اه وهو في غاية البعد. وقرأت جماعة * (غنمي) * بسكون النون. وأخرى * (على غنمي) * على أن * (على) * جار ومجرور و * (غنمي) * مفعول صريح للفعل السابق، ولم أقف على ذكر كيفية قراءة هذه الجماعة ذلك الفعل وهو على قراءة الجمهور مما لا يظهر تعديه للغنم، وكذا على قراءة غيرهم إلا بنوع تكلف، والغنم الشاه وهو اسم مؤنث موضوع للجنس يقع على الذكر والإناث وعليهما جميعا ولا واحد له من لفظه وإنما واحده شاة وإذا صغرته قلت غنيمة بالهاء ويجمع على أغنام. وغنوم. وأغانم، وقالوا: غنمان في التثنية على إرادة قطعتين وقدم عليه السلام بيان مصلحة نفسه في قوله: أتوكأ عليها وثنى بمصلحة رعيته في قوله: * (وأهش بها على غنمي) * ولعل ذلك لأنه عليه السلام بعد أن ناداه ربه سبحانه وتحقق أنه جل وعلا هو المنادي قال سبحانه له: ادن مني فجمع يديه في العصا ثم تحامل حتى استقل قائما فرعدت فرائصه حتى اختلفت واضطربت رجلاه وانقطع لسانه وانكسر قلبه ولم يبق منه عظم يحمل آخر فهو بمنزلة الميت إلا أن روح الحياة تجري فيه ثم زحف وهو مرعوب حتى وقف قريبا من الشجرة التي نودي منها فقال له الرب تبارك وتعالى ما تلك بيمينك يا موسى؟ فقال ما قص عز وجل، وقيل: لعل تقديم التوكؤ عليها لأنه الأوفق للسؤال بما تلك بيمينك، ثم إنه عليه السلام أجمل أوصافها في قوله : * (ولى فيها مآرب أخرى) * أي حاجات أخر ومفرده مأربة مثلثة الراء. وعومل في الوصف معاملة مفرده فلم يقل أخر وذلك جائز في غير الفواصل وفيها كما هنا أجوز وأحسن.