تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٣٦
والملكات كتفضيل مدركات العقل على الحس والبصر على اللمس وملكة على العفة وهكذا * (وإن تعجب فعجب قولهم) * بعد ظهور الآيات * (أئذا كنا ترابا أئنا لفى خلق جديد) * ولم يعلموا أن القادر على ذلك قادر على أن يحيي الموتى.
وقيل: إن منشأ التعجب أنهم أنكروا الخلق الجديد يوم القيامة مع أن الإنسان في كل ساعة في خلق آخر جديد بل العالم بأمره في كل لحظة يتجدد بتبدل الهيآت والأحوال والأوضاع والصور، وإلى كون العالم كل لحظة في خلق جيديد ذهب الشيخ الأكبر قدس سره فعنده الجوهر وكذا العرض لا يبقى زمانين كما أن العرض عند الأشعري كذلك، وهذا عند الشيخ قدس سره مبني على أن الجواهر والإعراض كلها شؤنه تعالى عما يقوله الظالمون علوا كبيرا وهو سبحانه كل يوم أي وقت في شأن، وأكثر الناس ينكرون على الأشعري قوله بتجدد الاعراض، والشيخ قدس سره زاد في الشطرنج جملا ولا يكاد يدرك ما يقوله بالدليل بل هو موقوف على الكشف والشهود، وقد اغتر كثير من الناس بظاهر كلامه فاعتقدوه من غير تدبر فضلوا وأضلوا * (أولئك الذين كفروا بربهم) * فلم يعرفوا عظمته سبحانه * (وأولئك الأغلال في أعناقهم) * فلا يقدرون أن يرفعوا رؤوسهم المنتكسة إلى النظر في الآيات * (وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) * (الرعد: 5) لعظم ما أتوا به * (ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة) * بمناسبة استعدادهم للشر * (وقد خلت من قبلهم المثلات) * عقوبة أمثالهم * (وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم) * أنفسهم باكتساب الأمور الحاجبة لهم عن النور ولم ترسخ فيهم * (وإن ربك لشديد العقاب) * (الرعد: 6) لمن رسخت فيه * (ويقول الذين كفروا) * لعمى بصائرهم عن مشاهدة الآيات الشاهدة بالنبوة * (لولا أنزل عليه آية) * تشهد له صلى الله عليه وسلم بذلك * (إنما أنت منذر) * ما عليك إلا انذارهم لا هدايتهم * (ولكل قوم هاد) * (الرعد: 7) هو الله تعالى، وقيل: لكل طائفة شيخ يعرفهم طريق الحق * (الله يعلم ما تحمل كل أنثى) * فيعلم ما تحمل أنثى النفس من ولد الكمال أي ما في قوة كل استعداد * (وما تغيض الأرحام) * أي تنقص أرحام الاستعداد بترك النفس وهواها * (وما تزداد) * بالتزكية وبركة الصحبة * (وكل شيء) * من الكمالات * (عنده) * سبحانه * (بمقدارذ (الرعد: 8) معين على حسب القابلية * (سواء منكن من أسر القول) * في مكمن استعداده * (ومن جهر به) * بإبرازه إلى الفعل * (ومن هو مستخف بالليل) * ظلمة ظلمة نفسه * (وسارب بالنهار) * (الرعد: 10) بخروجه من مقام النفس وذهابه في نهار نور الروح * (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) * إشارة إلى سوابق الرحمة الحافظة له من خاطفات الغضب أو الإمدادات الملكوتية الحافظة له من جن القوى الخيالية والوهمية والسبعية والبهيمية وإهلاكها أياه * (إن الله لا يغير ما بقوم) * من النعم الظاهرة أو الباطنة * (حتى يغيروا مما بأنفسهم) * من الاستعداد وقوة القبول؛ قال النصر أبادي: إن هذا الحكم عام لكن مناقشة الخواص فوقة مناقشة العوام، وعن بعض السلف أنه قال: إن الفأرة مزقت خفى وما أعلم ذلك إلا بذنب أحدثته وإلا لما سلطها على وتمثل بقول الشاعر:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلى * بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا القاسم: إذا أراد الله تعالى هلاك قوم حسن موارده في أعينهم حتى يمشون إليها بتدبيرهم وأرجلهم، ولله تعالى در من قال: إذا لم يكن عون من الله للفتى * فأول ما يجنى عليه اجتهاده
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»