تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٣٧
* (هو الذي يريكم البرق) * أي برق لوامع الأنوار القدسية * (خوفا) * خائفين من سرعة انقضائه أو بطء رجوعه * (وطمعا) * طامعين في ثباته أو سرعة رجوعه * (وينشيء السحاب الثقال) * (الرعد: 12) برق المكاشف وينشيء للعارفين سحاب العظمة الثقال بماء الهيبة فيمطر عليهم ما يحييهم به الحياة التي لا تشبهها حياة، وأنشدوا للشبلى: أظلت علينا منك يوما غمامة * أضاءت لنا رقا وأبطا رشاشها فلا غيمها يصحو فييأس طامع * ولا غيثها يأتي فيروى عطاشها وعن بعضهم أن البرق إشارة إلى التجليات البرقية التي تحصل لأرباب الأحوال وأشهر التجليات في تشبيهه بالبرق التجلي الذاتي، وأنشدوا: ما كان ما أوليت من وصلنا * إلا سراجا لاح ثم انطفى وذكر الإمام الرباني قدس سره في المكوتبات أن التجلي الذاتي دائمي للكاملين من أهل الطريقة النقشبندية لا برقى وأطال الكلام في ذلك مخالفا لكبار السادة الصوفية كالشيخ محيى الدين قدس سه. وغيره، والحق أن ما ذكره من التجلي الذاتي ليس هو الذي ذكروا أنه برقى كما لا يخفى على من راجع كلامه وكلامهم * (ويسبح الرعد) * أي رعد سطوة التجليات الجلالية ويمجد الله تعالى عما يتصوره العقل ملتبسا * (بحمده) * وإثبات ما ينبغي له عن شأنه * (والملائكة) * وتسبح ملائكة القوى الروحانية * (من خيفته) * من هيبتة جلاله جل جلاله * (ويرسل الصواعق) * هي صواعق السبحات الإلهية عند تجلي القهر الحقيقي المتضمن للطف الكلى * (فيصيب بها من يشاء) * فيحرقه عن بقية نفسه، وفي " الخبر " إن لله تعالى سبعين ألف حجاب من نور وظلمة لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " وقال ابن الزنجاني: الرعد صعقات الملائكة والبرق ذفرات أفئدتهم والمطر بكاؤهم، وجعل الزمخشري هذا من بدع المتصوفة، وكأني بك تقول: إن أكثر ما ذكر في باب الإشارة من هذا الكتاب من هذا القبيل. والجواب إنا لا ندعي إلا الإشارة وأما أن ذلك مدلول اللفظ أو مراد الله تعالى فمعاذ الله تعالى من أن يمر بفكري، واعتقاد ذلك هو الضلال البعيد والجهل الذي ليس عليه مزيد، وقد نص المحققون من الصوفية على أن معتقد ذلك كافر والعياذ بالله تعالى، ولعلك تقول: كان الأولى مع هذا ترك ذلك. فنقول: قد ذكر مثله من هو خير منا والوجه في ذكره غير خفي عليك لو أنصفت * (وهم يجادلون في الله) * بالتفكر في ذاته والنظر للوقوف على حقيقة صفاته * (وهو) * سبحانه * (شديد المحال) * (الرعد: 13) في دفع الأفكار والأنظار عن حرم ذاته وحمى صفاته جل جلاله: هيهات أن تصطاد عنقاء البقا * بلعابهن عناكب الأفكار * (له دعو الحق) * أي الحقة الحقيقة بالإجابة لا لغيره سبحانه * (والذين يدعون) * الأصنام * (لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه) * أي إلا استجابة كاستجابة من ذكر لأن ما يدعونه بمعزل عن القدرة * (وما دعاء الكافرين) * المحجوبين * (إلا في ضلال) * (الرعد: 14) أي ضياع لأنهم لا يدعون الإله الحق وإنما يدعون إلها توهموه ونحتوه في خيالهم * (ولله يسجد) * ينقاد * (من في السموات والأرض) * من الحقائق الروحانيات * (طوعا وكرها) * شاؤا أم أبوا * (وظلالهم) * هياكلهم * (بالغدو والآصال) * (الرعد: 15) أي دائما؛ وقيل: يسجد من في السموات وهو الروح والعقل والقلب وسجودهم طوعا ومن في الأرض النفس وقواها وسجودهم كرها.
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»