تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٣٥
والعجب من الزمخشري كيف اختار خلاف ذلك مع وضوحه والله تعالى أعلم.
ومن باب الإشارة: * (المر) * أي الذات الأحدية واسمه العليم واسمه الأعظم ومظهره الذي هو الرحمة * (تلك آيات) * علامات * (الكتاب) * (الرعد: 1) الجامع الذي هو الوجود المطلق * (الله الذي رفع السموات بغير عمد ترونها) * أي بغير عمد مرئية بل بعمد غير مرئية، وجعل الشيخ الأكبر قدس سره عمادها الإنسان الكامل، وقيل: النفس المجردة التي تحركها بواسطة النفس المنطبعة وهي قوة جسمانية سارية في جميع أجزاء الفلك لا يختص بها جزء دون جزء لبساطته وهي بمنزلة الخيال فينا وفيه ما فيه، وقيل: رفع سموات الأرواح بلا مادة تعمدها بل مجردة قائمة بنفسها * (ثم استوى على العرش) * بالتأثير والتقويم، وقيل: عرش القلب بالتجلي * (وسخر الشمس) * شمس الروح بإدراك المعارف الكلية واستشراف الأنوار العالية * (والقمر) * قمر القلب بإدراك ما في العالمين والاستمداد من فوق ومن تحت ثم قبول تجليات الصفات * (كل يجري لأجل مسمى) * وهو كما له بحسب الفطرة * (يدبر الأمر) * في البداية بتهيئة الاستعداد وترتيب المبادي * (يفصل الآيات) * في النهاية بترتيب الكمالات والمقامات * (لعلكم بلقاء ربكم) * عند مشاهدة آيات التجليات * (توقنون) * (الرعد: 2) عين اليقين.
وقال ابن عطاء: يدبر الأمر بالقضاء السابق ويفصل الآيات بأحكام الظاهر لعلكم توقنون أن الله تعالى الذي يجري تلك الأحوال لا بد لكم من الرجوع إليه سبحانه * (وهو الذي مد الأرض) * أي أرض قلوب أوليائه ببسط أنوار المحبة * (وجعل فيها رواسي) * المعرفة لئلا تتزلزل بغلبة هيجان المواجيد وجعل فيها * (أنهارا) * من علوم الحقائق * (ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين) * وهي ثمرات أشجار الحكم المتنوعة * (يغشى الليل النهار) * تجلى الجلال وتجلى الجمال * (إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) * في آيات الله تعالى، قال أبو عثمان: الفكر إراحة القلب من وساوس التدبير، وقيل: تصفيته لوارد الفوائد، وقيل: الإشارة في ذلك إلى مد أرض الجسد وجعل رواسي العظام فيها وأنهار العروق وثمرات الأخلاق من الجود والبخل والفجور والعفة والجبن والشجاعة والظلم والعدل وأمثالها والسواد والبياض والحرارة والبرودة والملاسة والخشونة ونحوها، وتغشية ليل ظلمة الجسمانيات نهار الروحانيات وفي ذلك آيات لقوم يتفكرون في صنع الله تعالى وتطابق عالميه الأصغر والأكبر * (وفي الأرض قطع متجاورات) * فقلوب المحبين مجاورة لقلوب المشتاقين وهي لقول العاشقين وهي لقلوب الوالهين وهي لقلوب الهائمين وهي لقلوب العارفين وهي لقلوب الموحدين، وقيل: في أرض القلوب قطع متجاورات قطع النفوس وقطع الأرواح وقطع الأسرار وقطع العقول والأولى تنبت شوك الشهوات والثانية زهر المعارف والثالثة نبات كواشف الأنوار والرابعة أشجار نور العلم وفيها * (جنات من أعناب) * أي أعناب العشق * (وزرع) * أي زرع دقائق المعرفة * (ونخيل) * أي نخل الإيمان * (صنوان) * في مقام الفرق * (وعير صنوان) * في مقام الجمع، وقيل: صنوان إيمان مع شهود وغير صنوان إيمان بدونه * (يسقي بماء واحد) * وهو التجلي الذي يقتضيه الجود المطلق * (ونفضل بعضها على بعض في الأكل) * (الرعد: 4) في الطعم الروحاني، وقيل: أشير أيضا إلى أن في أرض الجسد قطعا متجاورات من العظم واللحم والشحم والعصب وجنات من أشجار القوى الطبيعية والحيوانية والإنسانية من أعناب القوى الشهوانية التي يعصر منها هوى النفس والقوى العقلية التي يعصر منها هوى النفس والقوى العقلية التي يعصر منها خمر المحبة والعشق وزرع القوى الإنسانية ونخيل سائر الحواس الظاهرة والباطنة صنوان كالعينين والاذنين وغير صنوان كاللسان وآلة الفكر والوهم يسقى بماء واحد وهو ماء الحياة ونفضل بعضها على بعض في أكل الإدراكات
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»