تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٢٨
منكم * (نفعا) * يستجلبونه * (ولا ضرا) * يدفعونه عنها فضلا عن القدرة على جلب النفع للغير ودفع الضرر عنه، والهمزة للإنكار، والمراد بعد أن علمتموه رب السموات والأرض اتخذتم من دونه أولياء في غاية العجز عن نفعكم فجعلتم ما كان يجب أن يكون سبب التوحيد من علمكم سبب الإشراك، فالفاء عاطفة للتسبب والتفريع دخلت الهمزة عليه لأن المنكر الاتخاذ بعد العلم لا العلم ولا هما معا، ووصف الأولياء بما ذكر مما يقوي الإنكار ويؤكده، ويفهم - على ما قيل - من كلام البعض أن هذا دليل ثان على ضلالهم وفساد رأيهم في اتخاذهم أولياء رجاء أن ينفعوهم، واختلف في الدليل الأول فقيل: هو ما يفهم من قوله تعالى: * (قل أفاتخذتم من دونه أولياء) * (الرعد: 16) وقيل: هو ما يفهم من قوله سبحانه: * (والذين يدعون من دونه) * (الرعد: 14) الخ فتدبر * (قل) * تصويرا لآراثهم الركيكة بصورة المحسوس * (هل يستوي الأعمى) * الذي هو المشرك الجاهل بالعبادة ومستحقها * (والبصير) * الذي هو الموحد العالم بذلك وإلى هذا ذهب مجاهد، وفي الكلام عليه استعارة تصريحية، وكذا على ما قيل: إن المراد بالأول الجاهل بمثل هذه الحجة وبالثاني العالم بها، وقيل: إن الكلام على التشبيه والمراد لا يستوي المؤمن والكافر كما لا يستوي الأعمى والبصير فلا مجاز. ومن الناس من فسر الأول بالمعبود الغافل والثاني بالمعبود العالم بكل شيء وفيه بعد * (أم هل تستوي الظلمعات) * التي هي عبارة عن الكفر والضلال * (والنور) * الذي هو عبارة عن الإيمان والتوحيد وروي ذلك عن مجاهد أيضا، وجمع الظلمات لتعدد أنواع الكفر ككفر النصارى وكفر المجوس وكفر غيرهم، وكون الكفر كله ملة واحدة أمر آخر.
و * (أم) * كما في " البحر " منقطعة وتقدر - ببل - والهمزة على المختار، والتقدير بل أهل تستوي، وهل وإن نابت عن الهمزة في كثير من المواضع فقد جامعتها أيضا كما في قوله: أهل رأونا بوادي القف ذي الأكم وإذا جامعتها مع التصريح بها فلأن تجامعها مع أم المتضمنة لها أولى، ويجوز فيها بعد * (أم) * هذه أن يؤتى بها لشبهها بالأدوات الاسمية التي للاستفهام في عدم الأصالة فيه كما في قوله تعالى: * (أمن يملك السمع والإبصار) * (يونس: 31) ويجوز أن لا يؤتى بها لأن * (أم) * متضمنة للاستفهام، وقد جاء الأمران في قوله: هل ما علمت وما استودعت مكتوم * أم حبلها إذ نأتك اليوم مصروم أم هل كبير بكى لم يقض عبرته * أثر الأحبة يوم البين مشكوم وقرأ الإخوان. وأبو بكر * (أم هل يستوي) * بالباء التحتية، ثم إنه تعالى أكد ما اقتضاه الكلام السابق من تخطئة المشركين فقال سبحانه: * (أم جعلوا) * أي بل أجعلوا * (لله) * جل وعلا * (شركاء خلقوا كخلقه) * سبحانه وتعالى، والهمزة لإنكار الوقوع وليس المنكر هو الجعل لأنه واقع منهم وإنما هو الخلق كخلقه تعالى، والمعنى أنهم لم يجعلوا لله تعالى شركاء خلقوا كخلقه * (فتشابه الخلق عليهم) * بسبب ذلك وقالوا: هؤلاء خلقوا كخلق الله تعالى واستحقوا بذلك العبادة كما استحقها سبحانه ليكون ذلك منشأ لخطئهم بل إنما جعلوا له شركاء عاجزين لا يقدرون على ما يقدر عليه الخلق فضلا عما يقدر عليه الخالق، والمقصود
(١٢٨)
مفاتيح البحث: الضرر (1)، الجهل (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»