على ما هو الشائع في مثل ذلك، ففي " شرح التسهيل " الاستعمال على أنهم إذا أرادوا تبرئة أحد من سوء ابتدأوا تبرئة الله سبحانه من السوء ثم يبرئون من أرادوا تبرئته على معنى أن الله تعالى منزه عن أن لا يطهره مما يميمه فيكون آكد وأبلغ، والمنصور ما أشير إليه أولا وهو الذي يقتضيه السياق والسباق، نعم هذا الاستعمال ظاهر فيما يأتي إن شاء الله تعالى من قوله تعالى عن النسوة: * (حاش لله ما علمنا عليه من سوء) * (يوسف: 52) و * (ما) * عاملة عمل ليس وهي لغة للحجازيين لمشابهتها لها في نفي الحال على ما هو المشهور في ليس من أنها لذلك أو في مطقل النفي بناءا على ما قال الرضي من أنها ترد لنفي الماضي. والمستقبل، والغالب على لغتهم جر الخبر بالباء حتى أن النحويين لم يجدوا شاهدا على النصب في أشعارهم غير قوله: وأنا النذير بحرة مسودة * تصل الجيوش إليكم قوادها أبناؤها متكنفون أباهم * حنقوا الصدور وما هم أولادها والزمخشري يسمى هذه اللغة: اللغة القدمى الحجازية، ولغة بني تميم في مثل ذلك الرفع، وعلى هذا جاء قوله: ومهفهف الأعطاف قلت له انتسب * فأجاب ما قتل المحب حرام وبلغتهم قرأ ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، وزعم ابن عطية أنه لم يقرأ بها أحد هنا، وقرى الحسن. وأبو الحويرث الحنفي - ما هذا بشرى - بالباء الجارة، وكسر الشين على أن شرى - كما قال صاحب اللوائح - مصدر أقيم مقام المفعول به أي ما هذا بمشرى أي ليس ممن يشتري بمعنى أنه أعز من أن يجري عليه ذلك.
وروى هذه القراءة عبد الوارث عن أبي عمرو أيضا إلا أنه روى عنه أنه مع ذلك كسرى اللام من ملك، وروى الكسرى ابن عطية عن الحسن. وأبي الحويرث أيضا، والمراد إدخاله في حيز الملوك بعد، ففي كونه مما يصلح للملوكية فبين الجملتين تناسب ظاهر، وكأن بعضهم لم ير أن من قرأ بذلك قرأ أيضا * (ملك) * بكسر اللام فقال: لتحصيل التناسب بينهما في تفسير ذلك أي ما هذا بعبد مشتري لئيم، وعلى التقديرين لا يقال: إن هذه القراءة مخالفة لمقتضى المقام، نعم إنها مخالفة لرسم المصحف لأنه لم يكتب ذلك بالياء فيه.
* (قالت فذالكن الذى لمتننى فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم ولئن لم يفعل مآ ءامره ليسجنن وليكونا من الصاغرين) * * (قالت فذالكن) * الفاء فصيحة والخطاب للنسوة والإشارة - حسبما يقتضيه الظاهر - إلى يوسف عليه السلام بالعنوان الذي وصفته به الآن من الخروج في الحسن والكمال عن المراب البشرية، والاقتصار على الملكية، أو بعنوان ما ذكر مع الاخبار وتقطيع الأيدي بسببه أيضا، فاسم الإشارة مبتدأ والموصول خبره، والمعنى إن كان الأمر كما قلتن فذلكن الملك الكريم الخارج في الحسن عن المراتب البشرية، أو الذي قطعتن أيدين بسببه وأكبرتنه ووصفتنه بما وصفتنه هو * (الذي لمتنني فيه) * أي عيرتني في الافتنان فيه أو بالعنوان الذي وصفنه به فيما سبق بقولهن: امرأة العزيز عشقت عبدها الكنعاني، فاسم الإشارة خبر لمبتدأ محذوف دخلت الفاء عليه بعد حذفه، والموصول صفة اسم الاشارة أي فهو ذلكن العبد الكنعاني الذي صورتن في أنفسكن وقلتن فهي وفي ما قلتن، فالآن قد علمتن من هو وما قولكن فينا، وقيل: أرادت هذا ذلك العبد الكنعاني