تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ٢٢٩
أيديهن الخناجر توهمه أنهن يثبت عليه فيكون خائفا من مكرها دائما فلعله يجيبها إلى مرادها، والسكين مذكر عند السجستاني قال: وسألت أبا زيد الأنصاري. والأصمعي. وغيرهم ممن أدركناه فكلهم يذكره وينكر التأنيث فيه، وعن الفراء أنه يذكر ويؤنث. وذلك حكى عن اللحياني. ويعقوب، ومنع بعضهم أن يقال: سكينة، وأنشد عن الكسائي ما يخالف ذلك وهو قوله: الذئب سكينته في شدقه * ثم قرابا نصلها في حلقه * (وقالت) * ليوسف عليه السلام وهن مشغولات بمعالجة السكاكين وإعمالها فيما بأيدهن، والعطف بالواو ربما يشير إلى أن قوله: * (اخرج عليهن) * أي ابرز لهن لم يكن عقيب ترتيب أمورهن ليتم غرضها بهن.
والظاهر أنها لم تأمره بالخروج إلا لمجرد أن يرينه فيحصل مرامها، وقيل: أمرته بالخروج عليهن للخدمة أو للسلام، وقد أضمرت مع ذلك ما أضمرت يحكى أنها ألبسته ثيابا بيضا في ذلك اليوم لأن الجميل أحسن ما يكون في البياض * (فلما رأينه) * عطف على مقدر يستدعيه الأمر بالخروج وينسحب عليه الكلام أي فخرج عليهن فرأينه، وإنما حذف على ما قيل: تحقيقا لمفاجأة رؤيتهن كأنها تفوت عند ذكر خروجه عليهن، وفيه إيذان بسرعة امتثاله عليه السلام بأمرها فيما لا يشاهد مضرته من الأفاعيل. ونظير هذا آت كما مر آنفا * (أكبرنه) * أي أعظمنه ودهشن برؤية جماله الفائق الرائع الرائق، فإن فضل جماله على جمال كل جميل كان كفضل القمر ليلة اليدر على سائر الكواكب.
وأخرج ابن جرير. وغيره عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأيت يوسف ليلة المعراج كالقمر ليلة البدر، وحكى أنه عليه السلام كان إذا سار في أزقة مصر تلألأ وجهه على الجدران كما يرى نور الشمس، وجاء عن الحسن أنه أعطى ثلث الحسن، وفي رواية عن أنس مرفوعا أنه عليه السلام أعطى هو وأمه شطر الحسن وتقدم خبر أنه عليه اللاسم كان يشبه آدم عليه السلام يوم خلقه ربه، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن معنى أكبرن حضن، ومن ذلك قوله: يأتي النساء على أطهارهن ولا * يأتي النساء إذا أكبرن إكبارا وكأنه إنما سمي الحيض إكبارا لكون البلوغ يعرف به فكأنه يدخل الصغار سن الكبر فيكون في الأصل كناية أو مجازا، والهاء على هذا إما ضمير المصدر فكأنه قيل: أكبرن إكبارا. وإما ضمير يوسف عليه السلام على أسقاط الجار أي حضن لأجله من شدة شبقهن، والمرأة كما زعم الواحدي إذا اشتد شبقها حاضت ومن هنا أخذ المتنبي قوله: خف الله واستر ذا الجمال ببرقع * إذا لحت حاضت في الخدور العواتق وقيل: إن الهاء للسكت، ورد بأنها لا تحرك ولا تثبت في الولص، وءجراء الوصل مجرى الوقف وتحريكها تشبيها لها بالضمير كما في قوله: واحر قلباه ممن قلبه شبم * على تسليم صحته ضعيف في العربية واعترض في " الكشف " التخريجين الأولين فقال: إن نزع الخافض ضعيف لأنه إنما يجري في الظروف
(٢٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 ... » »»