تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ٢١٨
المراد هنا بناءا على ما قيل: إنها جذبته من وراء فانخرق القميص إلى أسفله، ويستعمل القط فيما كان عرضا، وعلى هذا جاء ما قيل في وصف علي كرم الله تعالى وجهه: إنه كان إذا اعتلى قد وإذا اعترض قط، وقيل، القد هنا مطلق الشق، ويؤيده ما نقل عن ابن عطية أنه قرأت فرقة - وقط - وقد وجد ذلك في مصحف المفضل بن حرب.
وعن يعقوب تخصيص القد بما كان في الجلد والثوب الصحيحين، والقميص معروف، وجمعه أقمصة. وقمص. وقمصان، وإسناد القد بأي معنى كان إليها خاصة مع أن لقوة يوسف عليه السلام أيضا دخلا فيه إما لأنها الجزء الأخير للعلة التامة، وإما للائيذان بمبالغتهافي منعه عن الخروج وبذل مجهودها في ذلك لفوت المحبوب أو لخوف الافتضاح * (والفيا) * أي وجدا، وبذلك قرأ عبد الله * (سيدها) * أي زوجها وهو فيعل من ساد يسود، وشاع إطلاقه على المالك وعلى الرئيس، وكانت المرأة إذ ذاك على ما قيل: تقول لزوجها سيدي، ولذا لم يقل سيدهما، وفي البحر إنما لم يضف إليهما لأنه لم يكن مالكا ليوسف حقيقة لحريته * (لدا الباب) * أي عند الباب البراني، قيل: وجداه يريد أن يدخل مع ابن عمر لها * (قالت) * استئناف مبني على سؤال يقول؛ فماذا كان حين ألفيا السيد عند الباب؟ فقيل. قالت: * (ما جزاء من أراد بأهلك سوءا) * من الزنا ونحوه.
* (إلا أن يسجن أو عذاب أليم) * الظاهر أن * (ما) * نافية، و * (جزاء) * مبتدأ، و * (من) * موصولة أو موصوفة مضاف إليه، والمصدر المؤول خبر، و * (أو) * للتنويع خبر المبدأ وما بعد معطوف على ذلك المصدر أي ليس جزاؤه إلا السجن أو العذاب الأليم، والمراد به على ما قيل: الضرب بالسوط، وعن ابن عباس أنه القيد، وجوز أن تكون * (ما) * استفهامية - فجزاء - مبتدأ أو خبر أي أي شيء جزاؤه غير ذلك أو ذلك، ولقد أتت في تلك الحالة التي يدهش فيها الفطن اللوذعي حيث شاهدها زوجها على تلك الهيئة بحيلة جمعت فيها غرضيها وهما تبرئة ساحتها مما يلوح من ظاهر الحال. واستنزال يوسف عليه السلام عن رأيه في استعصائه عليها وعدم موتاته لها على مرادها بإلقاء الرعب في قلبه من مكرها طمعا في مواقعته لها مكرها عند يأسها عن ذلك مختارا كما قالت: * (لئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين) * (يوسف: 32) ثم إنها جعلت صدور الإرادة المذكورة عن يوسف عليه السلام أمرا محققا مفروغا عنه غنيا عن الأخبار بوقوعه وإن ما هي عليه من الأفاعيل لأجل تحقيق جزائرها، ولم تصرح بالاسم بل أتت بلفظ عام تهويلا للأمر ومبالغة في التخويف كأن ذلك قانون مطرد في حق كل أحد كائنا من كان، وذكرت نفسها بعنوان أهلية العزيز إعظاما للخطب وإغراءا له على تحقيق ما يتوخاه بحكم الغضب والحمية كذا قرره غيره واحد.
وذكر الإمام في تفسيره ما فيه نوع مخالف لذلك حيث قال: إن في الآية لطائف: أحدها: أن حبها الشديد ليوسف عليه السلام حملها على رعاية دقيقتين في هذا الموضوع وذلك لأنها بدأت بذكر السجن وأخرت ذكر العذاب لأن المحب لا يسعى في إسلام المحبوب، وأيضا إنها لم تذكر أن يوسف عليه السلام يجب أن يقابل بأحد هذين الأمرين بل ذكرت ذلك ذكرا كليا صونا للمحبوب عن الذكر بالشر والألم، وأيضا قالت: * (إلا أن يسجن) * والمراد منه أن يسجن يوما. أو أقل على سبيل التخفيف، فأما الحبس الدائم فإنه لا يعبر عنه بهذه العبارة بل يقال: يجب أن يجعل من المسجونين، ألا ترى أن فرعون كيف قال حين هدد موسى عليه السلام: * (لئن اتخذت إلها
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»