تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٠ - الصفحة ١٣٨
الفاسق عند الحسن فغير حسن. وروي - والعهدة على الراوي - أن قراءة أهل البيت رضي الله تعالى عنهم * (جاهد الكفار بالمنافقين) * والظاهر أنها لم تثبت ولم يروها إلا الشيعة وهم بيت الكذب * (واغلظ عليهم) * أي على الفريقين في الجهاد بقسميه ولا ترفق بهم. عن عطاء نسخت هذه الآية كل شيء من العغو والصفح * (ومأواهم جهنم * (استئناف لبيان آجل أمرهم إثر بيان عاجله. وذكر أبو البقاء في هذه ثلاثة أوجه: أحدها أنها واو الحال والتقدير افعل ذلك في حال استحقاقهم جهنم وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم، والثاني أنها جيء بها تنبيها على إرادة فعل محذوف أي واعلم أن مأواهم جهنم، والثالث أن الكلام محمول على المعنى وهو أنه قد اجتمع لهم عذاب الدنيا بالجهاد والغلظة وعذاب الآخرة بجعل جهنم مأواهم * (وبئس المصير) * تذييل لما قبله والمخصوص بالذم محذوف أي مصيرهم.
* (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسل‍امهم وهموا بما لم ينالوا وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما فى الدنيا والاخرة وما لهم فى الارض من ولي ولا نصير) *.
يحلفون بالله ما قالوا) * استئناف لبيان ما صدر منهم من الجرائم الموجبة لما مر.
أخرج ابن جرير. وابن المندر. وابن أبي حاتم عن قتادة قال: ذكر لنا أن رجلين اقتتلا أحدهما من جهينة والآخر من غفار وكانت جهينة خلفاء الأنصار فظهر الغفاري على الجهيني فقال عبد الله بن أبي للأوس انصروا أخاكم والله ما مثلنا ومثل محمد صلى الله عليه وسلم وحاشاه مما يقول هذا المنافق إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الأذل فسعى بها رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليه فجعل يحلف بالله تعالى ما قاله فنزلت. وأخرج ابن اسحق وابن أبي حاتم عن كعب بن مالك قال: لما نزل القرآن فيه ذكر المنافقين الجلاس بن سويد: والله لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن شر من الحمير فسمعهما عمير بن سعدفقال: والله يا جلاس إنك لأحب الناس إلي وأحسنهم عندي أثرا ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك ولئن سكت عنها لتهلكني ولاحداهما أشد علي من الأخرى فمشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال الجلاس فحلف بالله تعالى ما قال ولقد كذب علي عمير فنزلت:
وأخرج عبد الرزاق عن ابن سيرين أنها لما نزلت أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بأذن عمير قال: وفت اذنك يا غلام وصدقك ربك وكان يدعو حين حلف الجلاس اللهم أنزل على عبدك ونبيك تصديق الصادق وتكذيب الكاذب. وأخرج عن عروة أن الجلاس تاب بعد نزولها وقبل منه، وأخرج ابن جرير. وأبو الشيخ. والطبراني. وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل شجرة فقال: انه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا جاء فلا تكلموه فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق العينين فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فانطلق فجاء بأصحابه فحلفوا بالله تعالى ما قالوا حتى تجاوز عنهم وأنزل الله تعالى الآية، وإسناد الحلف إلى ضمير الجمع على هذه الرواية ظاهر وأما على الروايتين الأوليين فقيل: لأنهم رضوا بذلك واتفقوا عليه فهو من إسناد الفعل إلى سببه أو لأنه جعل الكلام لرضاهم به كأنهم فعلوه ولا حاجة إلى عموم المجاز لأن الجمع بين الحقيق والمجاز جائز في المجاز العقلي وليس محلا لخلاف، وإيثار صيغة الاستقبال في * (يحلفون) * على سائر الروايات لاستحضار الصورة أو للدلالة على تكرير الفعل وهو قائم مقام القسم، و * (ما قالوا) * جوابه * (ولقد قالوا كلمة الكفر) *
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»