* (واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل إن كنتم ءامنتم بالله ومآ أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والله على كل شىء قدير) *.
* (واعلموا أنما غنمتم) * روى عن الكلبى أنها نزلت في بدر وهو الذي يقتضيه كلام الجمهور، وقال الواقدي: كان الخمس في غزوة بني قينقاع بعد بدر بشهر وثلاثة أيام للنصف من شوال على رأس عشرين شهرا من الهجرة. و * (ما) * موصولة والعائد محذوف، وكان حقها أن تكون مفصولة وجعلها شرطية خلاف الظاهر وكذا جعلها مصدرية، وغنم في الأصل من الغنم بمعنى الربح، وجاء غنم غنما بالضم وبالفتح وبالتحريك وغنيمة وغنمانا بالضم؛ وفي " القاموس " المغنم والغنيم والغنيمة والغنم بالضم الفىء، والمشهور تغاير الغنيمة والفىء، وقيل: اسم الفىء يشملهما لأنها راجعة إلينا ولا عكس فهي أخص، وقيل: هما كالفقير والمسكين، وفسروها بما أخذ من الكفار قهرا بقتال أو إيجاف فما أخذ اختلاسا لا يسمى غنيمة وليس له حكمها، فإذا دخل الواحد أو الاثنان دار الحرب مغيرين بغير إذن الإمام فأخذوا شيئا لم يخمس، وفي الدخول بإذنه روايتان والمشهور أنه يخمس لأنه لما أذن لهم فقد التزم نصرتهم بالإمداد فصاروا كالمنعة، وحكى عن الشافعي رضي الله تعالى عنه في المسألة الأولى التخميس وإن لم يسم ذلك غنيمة عنده لإلحاقه بها، وقوله سبحانه: * (من شيء) * بيان للموصول محله النصب على أنه حال من عائده المحذوف قصد به الاعتناء بشأن الغنيمة وأن لا يشذ عنها شيء، أي ما غنمتموه كائنا مما يقع عليه اسم الشيء حتى الخيط والمخيط خلا أن سلب المقتول لقاتله إذا نفله الإمام، وقال الشافعية: السلب للقاتل ولو نحو صبي وقن وإن لم يشترط له وإن كان المقتول نحو قريبه وإن لم يقاتل أو نحو امرأة أو صبي إن قاتلا ولو أعرض عنه للخبر المتفق عليه " من قتل قتيلا فله سلبه " نعم القاتل المسلم القن لذمي لا يستحقه عندهم وإن خرج بإذن الإمام.
وأجاب أصحابنا بأن السلب مأخوذ بقوة الجيش فيكون غنيمة فيقسم قسمتها، وقد قال صلى الله عليه وسلم لحبيب بن أبي سلمة: " ليس لك من صلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك " وما رووه يحتمل نصب الشرع ويحتمل التنفيل فيحمل على الثاني لما رويناه، والأسارى يخير فيهم الإمام وكذا الأرض المغنومة عندنا وتفصيله في الفقه، والمصدر المؤول من أن المفتوحة مع ما في حيزها في قوله تعالى: * (فأن لله خمسه) * مبتدأ خبره محذوف أي فحق أو واجب أن لله خمسه، وقدر مقدما لأن المطرد في خبرها إذا ذكر تقديمه لئلا يتوهم أنها مكسورة فأجرى على المعتاد فيه، ومنهم من أعربه خبر مبتدأ محذوف أي فالحكم أن الخ، والجملة خبر لأن الأولى، والفاء لما في الموصول من معنى المجازاة، وقيل: إنها صلة وأن بدل من أن الأولى، وروى الجعفي عن أبي عمر * (فإن) * بالكسر وتقويه قراءة النخعي فلله خمسه ورجحت المشهورة بأنها آكد لدلالتها على إثبات الخمس وأنه لا سبيل لتركه مع احتمال الخبر لتقديرات كلازم وحق وواجب ونحوه، وتعقبه صاحب التقريب بأنه معارض بلزوم الإجمال. وأجيب بأنه إن أريد بالإجمال ما يحتمل الوجوب والندب والإباحة فالمقام يأبى إلا الوجوب وإن أريد ما ذكر من لازم وحق وواجب فالتعميم يوجب التفخيم والتهويل. وقرىء * (خمسه) * بسكون الميم والجمهور