جوابا لسؤال مقدر تقديره أين هي؟ وعلى التقديرين لا محل للجملة من الإعراب. وجوز أن يكون بدلا من * (بينة) * بدل جملة من مفرد للتفسير ولا يخفى بعده، وإضافة الناقة إلى الاسم الجليل لتعظيمها كما يقال: بيت الله للمسجد بيد أن الإضافة فيه لأدنى ملابسة ولا كذلك ما نحن فيه أو لأنها ليست بواسطة نتاج معتاد وأسباب معهودة كما سيتضح إن شاء الله تعالى لك ولذلك كانت آية وأي آية. وقيل: لأنها لم يملكها أحد سواه سبحانه. وقيل: لأنها كانت حجة الله على قوم صالح. وانتصاب * (آية) * على الحالية من * (ناقة) * والعامل فيها معنى الإارة وسماه النحاة العامل المعنوي و * (لكم) * بيان لمن هي آية له كما في سقيا لك فيتعلق بمقدر. وجوز أن يكون * (ناقة) * بدل من * (هذه) * أو عطف بيان له أو مبتدأ ثانيا و * (لكم) * خبرا فآية حينئذ حال من الضمير المستتر فيه والعامل هو أو متعلقه.
* (فذروها) * تفريع على كونها آية من آيات الله تعالى. وقيل: على كونها ناقة له سبحانه فإن ذلك مما يوجب عدم التعرض لها أي فاتركوها * (تأكل في أرض الله) * العشب وحذف للعلم به. والفعل مجزوم لأنه جواب الأمر. وقرأ أبو جعفر في رواية عنه * (تأكل) * بالرفع فالجملة حالية أي آكلة. والجار والمجرور متعلق بما عنده أو بالأمر السابق فهما متنازعان. وأضيفت الأرض إلى الله سبحانه قطعا لعذرهم في التعرض كأنه قيل: الأرض أرض الله تعالى والناقة ناقة الله تعالى فذروا ناقة الله تأكل في أرضه فليست الأرض لكم ولا ما فيها من النبات من إنباتكم فأي عذر لكم في منعها. وعدم التعرض للشرب للاكتفاء عنه بذكر الأكل. وقيل: لتعميمه له أيضا كما في قوله: علفتها تبنا وماء باردا وقد ذكر ذلك بقوله سبحانه: * (لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) * (الشعراء: 551).
* (ولا تمسوها بسوء) * نهى عن المس الذي هو مقدمة الإصابة بالشر الشامل لأنواع الأذى مبالغة في الزجر فهو كقوله تعالى: * (ولا تقربوا مال اليتيم) * (الأنعام: 152، والإسراء: 34). والجار والمجرور متعلق بالفعل. والتنكير للتعميم أي لا تتعرضوا لها بشيء مما يسوؤها أصلا كالطرد والعقر وغير ذلك. وقيل: الجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع حالا من فاعل الفعل. والمعنى لا تمسوها مع قصد السوء بها فضلا عن الإصابة فهو كقوله تعالى: * (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) * (النساء: 43). * (فيأخذكم عذاب أليم) * منصوب في جواب النهي. والمعنى لا تجمعوا بين المس وأخذ العذاب إياكم. والأخير وإن لم يكن من صنيعهم حقيقة لكن لتعاطيهم أسبابه كأنه من صنيعهم.
* (واذكروا إذ جعلكم خلفآء من بعد عاد وبوأكم فى الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا ءالآء الله ولا تعثوا فى الارض مفسدين) *.
* (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد) * أي خلفاء في الأرض أو خلفاء لهم قيل: ولم يقل: خلفاء عاد مع أنه أخصر إشارة إلى أن بينهما زمانا طويلا * (وبوأكم) * أي أنزلكم وجعل لكم مباءة * (في الأرض) * أي أرض الحجر بين الحجاز والشام * (تتخذون من سهولها قصورا) * أي تبنون في سهولها مساكن رفيعة. فمن بمعنى في كما في قوله تعالى: * (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) * (الجمعة: 9) ويجوز أن تكون ابتدائية أو تبعيضية أي تعملون القصور من مادة مأخوذة من السهل كاللبن والآجر المتخذين من الطين. والجار والمجرور - على ما قال أبو البقاء - يجوز أن يتعلق بمحذوف وقع حالا مما بعده. وأن يكون مفعولا ثانيا لتتخذون. وأن يكون متعلقا به وهو متعد لواحد. والسهل خلاف الحزن وهو موضع الحجارة والجبال. والجملة استئناف مبين لكيفية التبوئة فإن هذا