تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ١٦٨
وكانوا ألفا وخمسمائة دار. وروي أنه رجع بمن معه فسكنوا ديارهم.
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال: إن صالحا لما نجا هو والذين معه قال: يا قوم إن هذه دار قد سخط الله تعالى عليها وعلى أهلها فاظعنوا والحقوا بحرم الله تعالى وأمنه فأهلوا من ساعتهم بالحج وانطلقوا حتى وردوا مكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا فتلك قبورهم في غربي الكعبة. وروى ابن الزبير عن جابر أن نبينا صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر في غزوة تبوك قال لأصحابه: " لا يدخلن أحد منكم القرية ولا تشربوا من مائها ولا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم مثل الذي أصابهم " وذكر محيي السنة البغوي أن المؤمنين الذين مع صالح كانوا أربعة آلاف وأنه خرج بهم إلى حضرموت فلما دخلها مات عليه السلام فسميت لذلك حضرموت ثم بنى الأربعة آلاف مدينة يقال لها حاضوراء، ثم نقل عن قوم من أهل العلم أنه توفي بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة ولعله المعول عليه، وجاء أن أشقى الأولين عاقر الناقة وأشقى الآخرين قاتل علي كرم الله تعالى وجهه وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بذلك عليا رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه. وعندي أن أشقى الآخرين أشقى من أشقى الأولين. والفرق بينهما كالفرق بين علي كرم الله تعالى وجهه والناقة. وقد أشارت الأخبار بل نطقت بأن قاتل الأمير كان مستحلا قتله بل معتقدا الثواب عليه وقد مدحه أصحابه على ذلك فقال عمران بن حطان غضب الله تعالى عليه: يا ضربة من تقي ما أراد بها * ألا ليبلغ من ذي العرش رضوانا إني لأذكره يوما فأحسبه * أوفى البرية عند الله ميزانا ولله در من قال: يا ضربة من شقي أوردته لظى * فسوف يلقى بها الرحمن غضبانا كأنه لم يرد شيئا بضربته * إلا ليصلى غدا في الحشر نيرانا إني لأذكره يوما فألعنه * كذاك ألعن عمران بن حطانا وكون فعله كان عن شبهة تنجيه مما لا شبهة في كونه ضربا من الهذيان ولو كان مثل تلك الشبهة منجيا من عذاب مثل هذا الذنب فليفعل الشخص ما شاء سبحانك هذا بهتان عظيم. وقد ضربت بقدار عاقر الناقة الأمثال، وما ألطف قول عمارة اليمني: لا تعجبا لقدار ناقة صالح * فلكل عصر ناقة وقدار وفي هذه القصة روايات أخر تركناها اقتصارا على ما تقدم لأنه أشهر.
* (ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الف‍احشة ما سبقكم بها من أحد من الع‍المين) *.
* (ولوطا) * نصب بفعل مضمر أي أرسلنا معطوف على ما سبق أو به من غير خاجة إلى تقدير، وإنما لم يذكر المرسل إليهم على طرز ما سبق وما لحق لأن قومه - على ما قيل - لم يعهدوا باسم معروف يقتضي الحال ذكره عليه السلام مضافا إليهم كما في القصص من قبل ومن بعد وهو ابن هاران بن تارخ. وابن اسحق ذكر بدل تارخ آزر. وأكثر النسابين على أنه عليه السلام ابن أخي إبراهيم صلى الله عليه وسلم ورواه في " المستدرك " عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما.
وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن صرد أن أبا لوط عليه السلام عم إبراهيم عليه السلام، وقيل: إن لوطا كان ابن خالة إبراهيم وكانت سارة زوجته أخت لوط وكان في أرض بابل من العراق مع إبراهيم فهاجر
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»