تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ١٦٢
أي أرض البدن * (بعد إصلاحها) * بالاستعداد * (وادعوه خوفا وطمعا) * (الأعراف: 56) لئلا يلزم إهمال إحدى صفتي الجلال والجمال * (وهو الذي يرسل الرياح) * أي رياح العناية * (بين يدي رحمته) * أي تجلياته * (حتى إذا أقلت حملت سحابا ثقالا) * بأمطار المحبة * (سقناه لبلد) * قلب * (ميت فأنزلنا به الماء) * ماء المحبة * (فأخرجنا به من كل الثمرات) * من المشاهدات والمكاشفات * (كذلك نخرج الموتى) * القلوب الميتة من قبور الصدور * (لعلكم تذكرون) * (الأعراف: 57) أيام حياتكم في عالم الأرواح حيث كنتم في رياض القدس وحياض الأنس * (والبلد الطيب) * وهو ما طاب استعداده * (يخرج نباته بإذن ربه) * حسنا غزيرا نفعه * (والذي خبث) * وهو ما ساء استعداده * (لا يخرج إلا نكدا) * (الأعراف: 58) لا خير فيه * (لقد أرسلنا نوحا) * أي نوح الروح * (إلى قومه) * (الأعراف: 59) من القلب وأعوانه والنفس وأعوانها * (فكذبوه فأنجيناه والذين معه) * كالقلب وأعوانه * (في الفلك) * وهو سفينة الأتباع * (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا) * في بحار الدنيا ومياه الشهوات * (إنهم كانوا قوما عمين) * (الأعراف: 64) عن طريق الوصول ورؤية الله تعالى، وعلى هذا المنوال ينسح الكلام في باقي الآيات. ولمولانا الشيخ الأكبر قدس سره في هؤلاء القوم ونحوهم كلام تقف الأفكار دونه حسرى فمن أراده فليرجع إلى " الفصوص " يرى العجب العجاب والله تعالى الهادي إلى سبيل الرشاد.
* (وإلى ثمود أخاهم ص‍الحا قال ي‍اقوم اعبدوا الله ما لكم من إل‍اه غيره قد جآءتكم بينة من ربكم ه‍اذه ناقة الله لكم ءاية فذروها تأكل فىأرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم) *.
* (وإلى ثمود أخاهم صالحا) * عطف على ما سبق من قوله تعالى: * (وإلى عاد أخاهم) * (الأعراف: 65) موافق له في تقديم المجرور على المنصوب، وثمود قبيلة من العرب كانت مساكنهم الحجر بين الحجاز والشام إلى وادي القرى وسميت باسم أبيهم الأكبر ثمود بن عابر بن إرم بن سام بن نوح، وقيل: ابن عاد بن عوص بن إرم الخ وهو المنقول عن الثعلبي. وقال عمرو بن العلاء: إنما سموا بذلك لقلة مائهم فهو من ثمد الماء إذا قل، والثمد الماء القليل وورد فيه الصرف وعدمه، أما الأول: فباعتبار الحي أو لأنه لما كان في الأصل اسما للجد أو للقليل من الماء كان مصروفا لأنه علم مذكر أو اسم جنس فبعد النقل حكى أصله، وأما الثاني: فباعتبار أنه اسم القبيلة ففيه العلمية والتأنيث. وصالح عليه السلام من ثمود فالأخوة نسبية، وهو - على ما قال محيي السنة البغوي - ابن عبيد بن آسف بن ماشح بن عبيد بن حاذر بن ثمود وهو أخو طسم وجديس فيما قيل، وقال وهب: هو ابن عبيد بن جابر بن ثمود بن جابر بن سام بن نوح بعث إلى قومه حين راهق الحلم وكان رجلا أحمر إلى البياض سبط الشعر فلبث فيهم أربعين عاما. وقال الشامي: إنه بعث شابا فدعا قومه حتى شمط وكبر، ونقل النووي أنه أقام فيهم عشرين سنة ومات بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
* (قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) * قد مر الكلام في نظائره * (قد جاءتكم بينة) * أي آية ومعجزة ظاهرة الدلالة شاهدة بنبوتي وهي من الألفاظ الجارية مجرى الأبطح والأبرق في الاستغناء عن ذكر موصوفاتها حالة الإفراد والجمع، والتنوين للتفخيم أي بينة عظيمة * (من ربكم) * متعلق بمحذوف وقع صفة لبينة على ما مر غير مرة أو بجاءتكم، و * (من) * لابتداء الغاية مجازا أو للتبعيض إن قدر من بينات ربكم، والمراد بهذه البينة الناقة وليس هذا الكلام منه عليه السلام أول ما خاطبهم به إثر الدعوة إلى التوحيد بل إنما قاله بعدما نصحهم وذكرهم بنعم الله تعالى فلم يقبلوا كلامه وكذبوه كما ينبىء عن ذلك ما في سورة هود (61).
وقوله تعالى: * (هذه ناقة الله لكم ءاية) * استئناف نحوي مسوق لبيان البينة والمعجزة. وجوز أن يكون استئنافا بيانيا
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»