فإن المعنى يصح معهما، ومنهم من يقول: إنه مصدر موضوع موضع الحال ولم يوضع له فعل عند بعضهم.
وحكى الأصمعي وحديحد، وذهب يونس وهشام في أحد قوليه إلى أنه منتصب انتصاب الظروف فجاء زيد وحده في تقدير جاء على وحده ثم حذف الجار وانتصب على الظرف، وقد صرح بعلى في كلام بعض العرب، وإذا قيل زيد وحده فالتقدير زيد موضع التفرد، ولعل القائل بما ذكر يقول: إنه مصدر وضع موضع الظرف. وعن البعض أنه في هذا منصوب بفعل مضمر كما يقال: زيد إقبالا وإدبارا هذا خلاصة كلامهم في هذا المقام، وإذا أحطت به خبرا فاعلم أن (نعبد الله وحده) في تقدير موحدين إياه بالعبادة عند سيبويه على أنه حال من الفاعل، والحاء في موحدين مكسورة وعلى رأي ابن طلحة موحدا هو والحاء مفتوحة وهو من أوحد الرباعي والتقدير على رأي هشام نعبد الله تعالى على انفراد وهو من وحد الثلاثي، والمعنى في التقادير الثلاثة لا يختلف إلا يسيرا، والكلام الذي هو فيه متضمن للإيجاب والسلب وله احتمالات نفيا وإثباتا وتفصيل ذلك في رسالة في مولانا تقي الدين السبكي المسماة " بالرفدة في معنى وحده " وفيها يقول الصفدي: خل عنك الرقدة * وانتبه للرفدة تجن منها علما * فاق طعم الشهدة وأراد - بما في قوله تعالى: * (فأتنا بما تعدنا) * العذاب المدلول عليه بقوله تعالى: * (أفلا تتقون) * (الأعراف: 65) * (إن كنت من الصادقين) * بالإخبار بنزوله، وقيل: بالإخبار بأنك رسول الله تعالى إلينا، وجواب * (إن) * محذوف لدلالة المذكور عليه أي فأت به.
* (قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني فىأسمآء سميتموهآ أنتم وءابآؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إنى معكم من المنتظرين) *.
* (قال قد وقع عليكم) * أي وجب وثبت. وأصل استعمال الوقوع في نزول الأجسام، واستعماله هنا فيما ذكر مجاز من إطلاق السبب على المسبب. ويجوز أن يكون في الكلام استعارة تبعية والمعنى قد نزل عليكم، واختار بعضهم أن * (وقع) * بمعنى قضى وقدر لأن المقدرات تضاف إلى السماء وحرف الاستعلاء على ذلك ظاهر ، وفي " الكشف " أن الوقوع بمعنى الثبوت وحرف الاستعلاء إما لأنه ثبوت قوي أكد ما يكون وآجبه أو لأنه ثبوت حسي لأمر نازل من علو وعذاب الله تعالى موصوف بالنزول من السماء فتدبر. والتعبير بالماضي لتنزيل المتوقع منزلة الواقع كما في قوله تعالى: * (أتى أمر الله) * (النحل: 1).
من ربكم) * أي من قبل مالك أمركم سبحانه وتعالى. والجار والمجرور قيل: متعلق بمحذوف وقع حالا مما بعد، والظاهر أنه متعلق بالفعل قبله، وتقديم الظرف الأول عليه مع أن المبدأ متقدم على المنتهي - كما قال شيخ الإسلام - للمسارعة إلى بيان إصابة المكروه لهم، وكذا تقديمهما على الفاعل وهو قوله تعالى: * (رجس) * مع ما فيه من التشويق إلى المؤخر ولأن فيه نوع طول بما عطف عليه من قوله تعالى: * (وغضب) * فربما يخل تقديمهما بتجاوب النظم الكريم. والرجس العذاب وهو بهذا المعنى في كل القرآن عند ابن زيد من الارتجاس وهو والارتجاز بمعنى حتى قيل: إن أصله ذلك فأبدلت الزاي سينا كما أبدلت السين تاء في قوله:
ألا لحى الله بني السعلات * عمرو بن يربوع شرار ا لناتليسوا بأعفاف ولا أكيات * فإنه أراد الناس وأكياس.
وأصل معناه الاضطراب ثم شاع فيما ذكر لاضطراب من حل به، وعليه فالعطف في قوله: