ملك السموات) * الخ فهو المالك والقادر على الإعطاء ولا يخفى بعده وفي إيثار * (ما) * على من المختصة بالعقلاء على تقدير تناولها للكل مراعاة - كما قيل - للأصل وإشارة إلى تساوي الفريقين في استحالته الربوبية حسب تساويهما في تحقق المربوبية. وعلى تقدير اختصاصها بغير العقلاء كما يشير إليه خبر ابن الزبعرى رضي الله تعالى عنه تنبيه على كمال قصورهم من رتبة الألوهية، وفي تغليب غير العقلاء على العقلاء على خلاف المعروف ما لا يخفى من حط قدرهم.
* (وهو على كل شيء) * من الأشياء * (قدير) * أي مبالغ في القدرة. وفسرها الغزالي بالمعنى الذي به يوجد الشيء متقدرا بتقدير الإرادة والعلم واقعا على وفقهما، وفسر الموصوف بها على الإطلاق بأنه الذي يخترع كل موجود اختراعا ينفرد به ويستغني به عن معاونة غيره وليس ذاك إلا الله تعالى الواحد القهار. والظرف متعلق بقدير والتقديم لمراعاة الفاصلة، ولا يخفى ما في ذكر كبرياء الله تعالى وعزته وقهره وعلوه في آخر هذه السورة من حسن الاختتام، وأخرج أبو عبيد عن أبي الزاهرية أن عثمان رضي الله تعالى عنه كتب في آخر المائدة (ولله ملك السموات والأرض والله سميع بصير).
ومن باب الإشارة في الآيات: * (جعل الله الكعبة البيت الحرام) * هي عندهم حضرة الجمع المحرمة على الأغيار، وقيل: قلب المؤمن، وقيل: الكعبة المخصوصة لا باعتبار أنها جدران أربعة وسقف بل باعتبار أنها مظهر جلال الله تعالى. وقد ذكروا أنه سبحانه يتجلى منها لعيون العارفين كما يشير إليه قوله عز شأنه على ما في التوراة " جاء الله تعالى من سينا فاستعلن بساعير وظهر من فاران " * (قياما للناس) * من موتهم الحقيقي لما يحصل لهم بواسطة ذلك * (والشهر الحرام) * وهو زمن الوصول أو مراعاة القلب أو الفوز بذلك التجلي الذي يحرم فيه ظهور صفات النفس أو الالتفات إلى مقتضيات القوى الطبيعية أو نحو ذلك * (والهدي) * وهي النفس المذبوحة بفناء حضرة الجمع أو الواردات الإلهية التي ترد القلب أو ما يحصل للعبد من المنن عند ذلك التجلي * (والقلائد) * وهي النفس الشريفة المنقادة أو هي نوع مما يحصل للعبد من قبل مولاه يقوده قسرا إلى ترك السوي * (ذلك لتعلموا) * بما يحصل لكم * (أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم) * (المائدة: 97) أي يعلم حقائق الأشياء في عالمي الغيب والشهادة وعلمه محيط بكل شيء * (قل لا يستوي الخبيث) * (المائدة: 100) من النفوس والأعمال والأخلاق والأموال * (والطيب) * من ذلك * (ولو أعجبك كثرة الخبيث) * بسبب ملاءمته للنفس فإن الأول موجب للقربة دون الثاني * (يا أيها الذين آمنوا) * الإيمان البرهاني * (لا تسألوا) * من أرباب الإيمان العياني * (عن أشياء) * غيبية وحقائق لا تعلم إلا بالكشف * (إن تبد لكم تسؤكم) * تهلككم لقصوركم عن معرفتها فيكون ذلك سببا لإنكاركم والله سبحانه غيور وإنه ليغضب لأوليائه كما يغضب الليث للحرب. وفي هذا - كما قيل - تحذير لأهل البداية عن كثرة سؤالهم من الكاملين عن أسرار الغيب وإرشاد لهم إلى الصحبة مع التسليم * (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن) * الجامع للظاهر والباطن المتضمن لما سئلتم عنه * (تبد لكم) * (المائدة: 101) بواسطته * (ما جعل الله من بحيرة) * وهي النفس التي شقت أذنها لسماع المخالفات * (ولا سائبة) * وهي النفس المطلقة العنان السارحة في رياض الشهوات * (ولا وصيلة) * وهي النفس التي وصلت حبال آمالها بعضا ببعض فسوفت التوبة والاستعداد للآخرة * (ولا حام) * (المائدة: 102) وهو من اشتغل حينا بالطاعة ولم يفتح له باب الوصول فوسوس إليه الشيطان،