والجحدري " لأولانا وأخرانا " بتأنيث الأول والآخر باعتبار الأمة والطائفة، وكون المراد بالأولى والأخرى الدار الأولى أي الدنيا والدار الأخرى أي الآخرة مما لا يكاد يصح.
* (وءاية) * عطف على " عيدا "، وقوله سبحانه وتعالى: * (منك) * متعلق بمحذوف وقع صفة له أي آية كائنة منك دالة على كمال قدرتك وصحة نبوتي * (وارزقنا) * أي الشكر عليها على ما حكي عن الجبائي أو المائدة على ما نقل عن غير واحد والمراد بها حينئذ - كما قيل - ما على الخوان من الطعام أو الأعم من ذلك وهذه ولعله الأولى * (وأنت خير الرازقين) * تذييل جار مجرى التعليل أي خير من يرزق لأنه خالق الرزق ومعطيه بلا ملاحظة عوض.
* (قال الله إنى منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإنىأعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين) *.
* (قال الله إني منزلها عليكم) * مرات عديدة كما ينبىء عن ذلك صيغة التفعيل، وورود الإجابة منه تعالى كذلك مع كون الدعاء منه عليه الصلاة والسلام بصيغة الأفعال زظهار كمال اللطف والإحسان مع ما فيه من مراعاة ما وقع في عبارة السائلين، وفي تصدير الجملة بكلمة التحقيق وجعل خبرها اسما تحقيق للوعد وإيذان بأنه سبحانه وتعالى منجز له لا محالة وإشعار بالاستمرار، وهذه القراءة لأهل المدينة والشام وعاصم وقرأ الباقون كما قال الطبرسي * (منزلها) * بالتخفيف، وجعل الإنزال والتنزيل بمعنى واحد.
* (فمن يكفر بعد) * أي بعد تنزيلها حال كونه كائنا * (منكم فاني أعذبه) * بسبب كفره ذلك * (عذابا) * هو اسم مصدر بمعنى التعذيب كالمتاع بمعنى التمتيع، وقيل: مصدر محذوف الزوائد وانتصابه على المصدرية في التقديرين، وقيل: منصوب على التوسع، والتشبيه بالمفعول به مبالغة كما ينصب الظرف ومعمول الصفة المشبهة كذلك، وجوز أبو البقاء أن يكون نصبه على الحذف والإيصال، والمراد بعذاب وهو حينئذ اسم ما يعذب به، ولا يخفى أن حذف الجار لا يطرد في غير أن وإن عند عدم اللبس، والتنوين للتعظيم أي عذابا عظيما.
وقوله سبحانه وتعالى: * (لا أعذبه) * في موضع النصب على أنه صفة له. والهاء في موضع المفعول المطلق كما في ظننته زيدا قائما. ويقوم مقام العائد إلى الموصوف كما قيل. ووجه بأنه حينئذ يعود إلى المصدر المفهوم من الفعل فيكون في معنى النكرة الواقعة بعد النفي من حيث العموم فيشمل العذاب المتقدم، ويحصل الربط بالعموم واورد عليه أن الربط بالعموم إنما ذكره النحاة في الجملة الواقعة خبرا فلا يقاس عليه الصفة وجوز أن يكون من قبيل ضربته ضرب زيد أي عذابا لا أعذب تعذيبا مثله، وعلى هذا التقدير يكون الضمير راجعا على العذاب المقدم فالربط به. وقيل: الضمير راجع إلى " من " بتقدير مضافين أي لا أعذب مثل عذابه.
* (أحدا من العالمين) * أي عالمي زمانهم أو العالمين مطلقا، وهذا العذاب إما في الدنيا، وقد عذب من كفر منهم بمسخهم قردة وخنازير. وروي ذلك عن قتادة وإما في الآخرة وإليه يشير ما أخرجه أبو الشيخ. وغيره عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من كفر من أصحاب المائدة والمنافقون وآل فرعون ويدل هذا على أن المائدة نزلت وكفر البعض بعد. وأخرج ابن جرير وغيره عن الحسن ومجاهد أن القوم لما قيل لهم: " فمن يكفر " الخ قالوا: لا حاجة لنا بها فلم تنزل. والجمهور على الأول وعليه المعول. فقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمار بن ياسر موقوفا ومرفوعا. والوقف أصح قال: أنزلت المائدة من السماء خبزا