تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ٧٥
عن نور الحق * (والأبرص) * أي الذي أفسد قلبه حب الدنيا وغلبة الهوى * (بإذني وإذ تخرج الموتى) * بداء الجهل من قبور الطبيعة * (بإذني وإذ كففت بني إسرائيل) * وهي القوى النفسانية أو المحجوبين عن نور تجليات الصفات * (عنك) * فلم ينقصك كيدهم شيئا * (إذ جئتهم بالبينات) * (المائدة: 110) وهي الحجج الواضحة أو القوى الروحانية الغالبة * (وإذ أوحيت) * بطريق الإلهام * (إلى الحواريين) * وهم الذين طهروا نفوسهم بماء العلم النافع ونقوا ثياب قلوبهم عن لوث الطبائع * (أن آمنوا بي) * إيمانا حقيقيا بتوحيد الصفات * (وبرسولي) * (المائدة: 111) برعاية حقوق تجلياتها على التفصيل. وذكر بعض السادة أن الوحي يكون خاصا ويكون عاما فالخاص ما كان بغير واسطة والعام ما كان بالواسطة من نحو الملك والروح والقلب والعقل والسر وحركة الفطرة وللأولياء نصيب من هذا النوع. ولوحي الخاص مراتب وحي الفعل ووحي الذات. فوحي الذات يكون في مقام التوحيد عند رؤية العظمة والكبرياء، ووحي الفعل يكون في مقام العشق والمحبة وهناك منازل الأنس والانبساط * (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك) * أي المربي لك والمفيض عليك ما كملك * (أن ينزل علينا مائدة) * أي شريعة مشتملة على أنواع العلوم والحكم والمعارف والأحكام * (من السماء) * أي من جهة سماء الأرواح * (قال اتقوا الله) * أي اجعلوه سبحانه وقاية لكم فيما يصدر عنكم من الأفعال والأخلاق * (إن كنتم مؤمنين) * (المائدة: 112) ولا تسألوا شريعة مجددة * (قالوا نريد أن نأكل منها) * بأن نعمل بها * (وتطمئن قلوبنا) * فإن العلم غداء * (ونعلم أن قد صدقتنا) * في الإخبار عن ربك وعن نفسك * (ونكون عليها من الشاهدين) * (المائدة: 113) فنعلم بها الغائبين وندعوهم إليها * (قال الله إني منزلها عليكم فمن يكفر) * بهامنكم ويحتجب عن ذلك الدين * (بعد) * أي بعد الإنزال * (فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين) * (المائدة: 115) وذلك بالحجاب عني لوجود الاستعداد ووضوح الطريق وسطوع الحجة والعذاب مع العلم أشد من العذاب مع الجهل. قوله تعالى: * (وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس) * الخ كلام الشيخ الأكبر قدس سره وكلام الشيخ عبد الكريم الجيلي فيه شهير منتشر على ألسنة المخلصين والمنكرين فيما بيننا. والله تعالى أعلم بمراده نسأل الله تعالى أن ينزل علينا موائد كرمه ولا يقطع عنا عوائد نعمه ويلطف بنا في كل مبدأ وختام بحرمة نبينا عليه أفضل الصلاة وأكمل السلام.
سورة الأنعام كما أخرج أبو عبيد والبيهقي وغيرهما عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وروى ابن مردويه والطبراني عنه أنها نزلت بمكة ليلا جملة واحدة. وروى خبر الجملة أبو الشيخ عن أبي بن كعب مرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرج النحاس في " ناسخه " عن الحبر أنها مكية إلا ثلاث آيات منها فإنها نزلت بالمدينة * (قل تعالوا أتل) * (151) إلى تمام الآيات الثلاث. وأخرج ابن راهويه في " مسنده " وغيره عن شهر بن حوشب أنها مكية إلا آيتين * (قل تعالوا أتل) * والتي بعدها. وأخرج أبو الشيخ أيضا عن الكلبي وسفيان قالا: نزلت سورة الأنعام كلها بمكة إلا آيتين نزلتا بالمدينة في رجل من اليهود وهو الذي قال: * (ما أنزل الله على بشر من شيء) * الآية (91). وأخرج ابن المنذر عن أبي جحيفة نزلت سورة الأنعام كلها بمكة إلا * (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة) * (111)
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»