تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ١٥٣
كثر في الاستعمال التعبير به عن أشياء عدة وأما الضمير المفرد فقد قيل فيه ذلك. ونقل عن الزجاج أن الضمير راجع إلى المأخوذ والمختوم عليه في ضمن ما مر أي المسلوب منكم أو راجع إلى السمع وما بعده داخل معه في القصد ولا يخفى بعده. وجوز أن يكون راجعا إلى أحد هذه المذكورات، و * (من) * مبتدأ و * (إله) * خبره و * (غير) * صفة للخبر و * (يأتيكم) * صفة أخرى، والجملة - كما قال غير واحد - متعلق الرؤية ومناط الاستخبار أي أخبروني إن سلب الله تعالى مشاعركم من إله غيره سبحانه يأتيكم به وترك كاف الخطاب هنا قيل: لأن التخويف فيه أخف مما تقدم ومما يأتي. وقيل: اكتفاء بالسابق واللاحق لتوسط هذه الخطاب بينهما، وقيل: لما كان هذا العذاب مما لا يبقى القوم معه أهلا للخطاب حذفت كافه إيماء لذلك ورعاية لمناسبة خفية.
* (أنظر كيف نصرف الآيات) * أي نكررها على أنهار مختلفة، ومنه تصريف الرياح. والمراد من الآيات - على ما روي عن الكلبي - الآيات القرآنية وهل هي على الإطلاق أو ما ذكر من أول السورة إلى هنا؟ أو ما ذكر قبل هذا؟ أقوال أقربها عندي الأقرب وفيها الدال على وجود الصانع وتوحيده وما فيه الترغيب والترهيب والتنبيه والتذكير. وهذا تعجيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: لمن يصلح للخطاب من عدم تأثرهم بما مر من الآيات الباهرات. * (ثم هم يصدفون) * أي يعرضون عن ذلك: وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنشد لهذا المعنى قول أبي سفيان بن الحرث: عجبت لحكم الله فينا وقد بدا $ له صدفنا عن كل حق منزل وذكر بعضهم أنه يقال: صدف عن الشيء صدوفا إذا مال عنه. وأصله من الصدف الجانب والناحية ومثله الصدفة وتطلق على كل بناء مرتفع. وجاء في الخبر أنه صلى الله عليه وسلم مر بصدف مائل فأسرع. والجملة عطف على * (نصرف) * داخل معه في حكمه وهو العمدة في التعجيب. و * (ثم) * للاستبعاد أي أنهم بعد ذلك التصريف الموجب للإقبال والإيمان يدبرون ويكفرون.
* (قل أرأيتكم إن أت‍اكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظ‍المون) *.
* (قل أرأيتكم) * تبكيت آخر لهم بالجائهم إلى الاعتراف باختصاص العذاب بهم * (إن أتاكم عذاب الله) * أي العاجل الخاص بكم كما أتى أضرابكم من الأمم قبلكم * (بغتة) * أي فجأة من غير ظهور أمارة وشعور ولتضمنها بهذا الاعتبار ما في الخفية من عدم الشعور صح مقابلتها بقولخ سبحانه: * (أو جهرة) * وبدأ بها لأنها أردع من الجهرة. وإنما لم يقل: خفية لأن الإخفاء لا يناسب شأنه تعالى. وزعم بعضهم أن البغتة استعارة للخفية بقرينة مقابلتها بالجهرة وإنها مكنية من غير تخييلية. ولا يخفى أنه على ما فيه تعسف لا حاجة إليه فإن المقابلة بين الشيء والقريب من مقابله كثيرة في الفصيح. ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: " بشروا ولا تنفروا ". وعن الحسن أن البغتة أن يأتيهم ليلا والجهرة أن يأتيهم نهارا. وقرىء * (بغتة أو جهرة) * بفتح الغين والهاء على أنهما مصدران كالغلبة أي أتيانا بغتة أو أتيانا جهرة. وفي " المحتسب " لابن جني أن مذهب أصحابنا في كل حرف حلق ساكن بعد فتح لا يحرك إلا على أنه لغة فيه كالنهر والنهر والشعر والشعر
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»