أحكامه عليه، وذهب الأخفش والمبرد إلى إلحاقه بباب التعجب، وحكى الأخفش الاستعمالين عن العرب، ويجوز فيه ضم العين وتسكينها ونقل حركتها إلى الفاء، وظاهره تغاير المذهبين، وفي " التسهيل " إنه من باب نعم وبئس وفيه معنى التعجب، وهو يقتضي أن لا تغاير بينهما وإليه يميل كلام الشيخين فافهم، والحسن عبارة عن كل مبهج مرغوب إما عقلا أو هوى أو حسا، وأكثر ما يقال في متعارف العامة في المستحسن بالبصر، وقد جاء في القرآن له وللمستحسن من جهة البصيرة..
* (ذالك الفضل من الله وكفى بالله عليما) *.
* (ذالك) * إشارة إلى ما ثبت للمطيعين من جميع ما تقدم، أو إلى فضل هؤلاء المنعم عليهم ومزيتهم وهو مبتدأ، وقوله سبحانه: * (الفضل) * صفة، وقوله تعالى: * (من الله) * خبره أي ذلك الفضل العظيم كائن من الله تعالى لا من غيره، وجوز أبو البقاء أن يكون * (الفضل) * هو الخبر، و * (من الله) * متعلق بمحذوف وقع حالا منه؛ والعامل فيه معنى الإشارة، ويجوز أن يكون خبرا ثانيا أي ذلك الذي ذكر الفضل كائنا، أو كائن من الله تعالى لا أن أعمال العباد توجبه * (وكفى بالله عليما) * بثواب من أطاعه وبمقادير الفضل واستحقاق أهله بمقتضى الوعد فثقوا بما أخبركم به * (ولا ينبئك مثل خبير) * (فاطر: 14). وقيل: وكفى به سبحانه عليما بالعصاة والمطيعين والمنافقين والمخلصين ومن يصلح لمرافقة هؤلاء ومن لا يصلح..
* (ياأيها الذين ءامنوا خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا) *.
* (يأيها الذين ءامنوا خذوا حذركم) * أي عدتكم من السلاح - قاله مقاتل - وهو المروي عن أبي جعفر رضي الله تعالى عنه، وقيل: الحذر مصدر كالحذر، وهو الاحتراز عما يخاف فهناك الكناية والتخييل بتشبيه الحذر بالسلاح وآلة الوقاية، وليس الأخذ مجازا ليلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز في قوله سبحانه: * (وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم) * (النساء: 102) إذ التجوز في الإيقاع، وقد صرح المحققون بجواز الجمع فيه، والمعنى استعدوا لأعدائكم أو تيقظوا واحترزوا منهم ولا تمكنوهم من أنفسكم * (فانفروا) * بكسر الفاء، وقرىء بضمها أي: أخرجوا إلى قتال عدوكم والجهاد معه عند خروجكم، وأصل معنى النفر الفزع كالنفرة، ثم استعمل فيما ذكر * (ثبات) * جمع - ثبة - وهي الجماعة من الرجال فوق العشرة، وقيل: فوق الاثنين، وقد تطلق على غير الرجال ومنه قول عمرو بن كلثوم: فأما يوم خشيتنا عليهم * فتصبح خيلنا عصبا (ثباتا) ووزنها في الأصل فعلة - كحطمة - حذفت لامها وعوض عنها هاء التأنيث وهل هي واو من - ثبا يثبو، كعدى يعدو - أي اجتمع، أو ياء من - ثبيت - على فلان بمعنى أثنيت عليه بذكر محاسنه وجمعها؟ قولان، وثبة الحوض وسطه واوية، وهي من ثاب يثوب إذا رجع، وقد جمع جمع المؤنث، وأعرب إعرابه على اللغة الفصيحة، وفي لغة ينصب بالفتح، وقد جمع أيضا جمع المذكر السالم فيقال: ثبون، وقد اطرد ذلك فيما حذف آخره وإن لم يستوف الشروط جبرا له، وفي ثائه حينئذ لغتان: الضم والكسر، والجمع هنا في موضع الحال أي انفروا جماعات متفرقة جماعة بعد جماعة * (أو انفروا جميعا) * أي مجتمعين جماعة واحدة، ويسمى الجيش إذا اجتمع ولم ينتشر كتيبة، وللقطعة المنتخبة المقتطعة منه سرية، وعن بعضهم أنها التي تخرج ليلا وتعود إليه وهي من مائة إلى خمسمائة، أو من خمسة أنفس إلى ثلثمائة وأربعمائة، وما زاد على السرية - منسر - كمجلس ومنبر إلى الثمانمائة فإن زاد يقال له: جيش إلى أربعة آلاف، فإن زاد يسمى - جحفلا - ويسمى الجيش العظيم - خميسا - وما افترق من السرية - بعثا - وقد تطلق السرية على مطلق الجماعة، والآية وإن نزلت في الحرب لكن فيها إشارة إلى الحث