تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٥ - الصفحة ٨٤
بالكلية فلا بد للمؤمن من تلقي المهالك بقلب راض ووجه ضاحك * (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم) * بسيف المجاهدة لتحيى حياة طيبة * (أو اخرجوا من دياركم) * وهي الملاذ التي ركنتم إليها وخيمتم فيها وعكفتم عليها، أو لو فرضنا عليهم أن اقمعوا الهوى أو اخرجوا من مقاماتكم التي حجبتم بها عن التوحيد الصرف كالصبر والتوكل مثلا * (ما فعلوه إلا قليل منهم) * وهم أهل التوفيق والهمم العالية، وأيد الاحتمال الثاني بما حكي عن بعض العارفين أنه سئل إبراهيم بن أدهم عن حاله فقال إبراهيم: أدور في الصحاري وأطوف في البراري حيث لا ماء ولا شجر ولا روض ولا مطر فهل يصح حالي في التوكل فقال له: إذا أفنيت عمرك في عمران باطنك فأين الفناء في التوحيد " * (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم) * لما فيه من الحياة الطيبة * (وأشد تثبيتا) * (النساء: 66) بالاستقامة بالدين * (وإذا لآتيناهم من لدنا أجرا عظيما) * (النساء: 67) وهو كشف الجمال * (ولهديناهم صراطا مستقيما) * (النساء: 68) وهو التوحيد * (ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم) * بما لا يدخل في حيطة الفكر * (من النبيين) * أرباب التشريع الذين ارتفعوا قدرا فلا يدرك شأواهم * (والصديقين) * الذين قادهم نورهم إلى الانخلاع عن أنواع الربوب والشكوك فصدقوا بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من غير دليل ولا توقف * (والشهداء) * أهل الحضور * (والصالحين) * (النساء: 69) أهل الاستقامة في الدين * (يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم) * من أنفسكم فإنها أعدى أعدائكم * (فانفروا ثبات) * أسلكوا في سبيل الله تعالى جماعات كل فرقة على طريقة شيخ كامل * (أو انفروا جميعا) * (النساء: 71) في طريق التوحيد والإسلام واتبعوا أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلقوا بأخلاقه * (وإن منكم لمن ليبطئن) * أي ليثبطن المجاهدين المرتاضين * (فإن أصابتكم مصيبة) * شدة في السير * (قال قد أنعم الله علي) * (النساء: 72) حيث لم أفعل كما فعلوا * (ولئن أصابكم فضل من الله) * مواهب غيبية وعلوم لدنية ومراتب سنية وقبول عند الخواص والعوام * (ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة) * أي حسدا لكم * (يا ليتني كنت معهم فأفوز) * دونهم * (فوزا عظيما) * (النساء: 73) وأنال ذلك وحدي * (ومن يقاتل) * نفسه * (في سبيل الله فيقتل) * بسيف الصدق * (أو يغلب) * عليها بالظفر لتسلم على يده * (فسوف نؤتيه أجرا عظيما) * (النساء: 74) وهو الوصول إلينا * (وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله و) * خلاص * (المستضعفين من الرجال) * العقول * (والنساء) * الأرواح * (والولدان) * القوى الروحانية * (الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية) * وهي قرية البدن * (الظالم أهلها) * وهي النفس الأمارة * (واجعل لنا من لدنك وليا) * يلي أمورنا ويرشدنا * (واجعل لنا من لدنك نصيرا) * (النساء: 75) ينصرنا على من ظلمنا وهو الفيض الأقدس، نسأل الله تعالى ذلك بمنه وكرمه..
* (الذين ءامنوا يق‍اتلون فى سبيل الله والذين كفروا يق‍اتلون فى سبيل الط‍اغوت فق‍اتلوا أولياء الشيط‍ان إن كيد الشيط‍ان كان ضعيفا) *.
* (الذين ءامنوا يقاتلون في سبيل الله) * كلام مستأنف سيق لتشجيع المؤمنين وترغيبهم في الجهاد أي المؤمنون إنما يقاتلون في دين الله تعالى الموصل لهم إليه عز وجل وفي إعلاء كلمته فهو وليهم وناصرهم لا محالة. * (والذين كفروا يق‍اتلون في سبيل الطاغوت) * فيما يبلغ بهم إلى الشيطان وهو الكفر فلا ناصر لهم سواه * (فقاتلوا) * يا أولياء الله تعالى إذا كان الأمر كذلك. * (أولياء الشيط‍ان) * جميع الكفار فإنكم تغلبونهم. * (إن كيد الشيط‍ان كان ضعيفا) * في حد ذاته فكيف بالقياس إلى قدرة الله تعالى الذي يقاتلون في سبيله وهو سبحانه وليكم، ولم يتعرض لبيان قوة جنابه تعالى إيذانا بظهورها، وفائدة * (كان) * التأكيد ببيان أن كيده مذ كان ضعيف، وقيل: هي بمعنى صار أي صار ضعيفا بالإسلام، وقيل: إنها زائدة وليس بشيء..
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»