في أقاربه وبني عمه " وفي رواية لمسلم وأبي داود " فجعلها بين حسان بن ثابت وأبي بن كعب ". وأخرج ابن أبي حاتم وغيره عن محمد بن المنكدر قال: " لما نزلت هذه الآية جاء زيد بن حارثة بفرس يقال لها سبل لم يكن له مال أحب إليه منها فقال: هي صدقة فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل عليها ابنه أسامة فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في وجه زيد فقال: إن الله تعالى قد قبلها منك ". وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر قال: " حضرتني هذه الآية * (لن تنالوا البر) * الخ فذكرت ما أعطاني الله تعالى فلم أجد أحب إلي من مرجانة جارية لي رومية فقلت هي حرة لوجه الله تعالى فلو أني أعود في شيء جعلته لله تعالى لنكحتها فأنكحتها نافعا، وأخرج ابن المنذر عن نافع قال: كان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يشتري السكر يتصدق به فنقول له: لو اشتريت لهم بثمنه طعاما كان أنفع لهم من هذا فيقول: أنا أعرف الذي تقولون ولكن سمعت الله تعالى يقول: * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * وأن ابن عمر يحب السكر.
وظاهر هذه الأخبار يدل على أن الإنفاق في الآية يعم المستحب، وروي عن ابن عباس أن المراد به إخراج الزكاة الواجبة وما فرضه الله تعالى في الأموال فكأنه قيل: - لن تنالوا البر حتى تخرجوا زكاة أموالكم - وهو مبني على أن المراد من ما تحبون المال لا كرائمه، فقول النيسابوري: إنه يرد عليه أنه لا يجب على المزكي أن يخرج أشرف أمواله وأكرمها، ناشيء من قلة التأمل، ولو تأمل ما اعترض على ترجمان القرآن وحبر الأمة، ونقل الواحدي عن مجاهد والكلبي أن الآية منسوخة بآية الزكاة، وضعف بأن إيجاب الزكاة لا ينافي الترغيب في بذل المحبوب في سبيل الله تعالى، واستشكلت هذه الآية بأن ظاهرها يستدعي أن الفقير الذي لم ينفق طول عمره مما يحبه لعدم إمكانه لا يكون بارا أو لا يناله بر الله تعالى بأهل طاعته مع أنه ليس كذلك، وأجيب بأن الكلام خارج مخرج الحث على الإنفاق وهو مقيد بالإمكان وإنما أطلق على سبيل المبالغة في الترغيب، وقيل: الأولى أن يكون المراد: لن تنالوا البر الكامل الواقع على أشرف الوجوه حتى تنفقوا مما تحبون والفقير الذي لم ينفق طول عمره لا يبعد القول بأنه لا يكون بارا كاملا ولا يناله بر الله تعالى الكامل بأهل طاعته، وقيل: الأولى من هذا الأولى أن يقال: إن المراد: لن تنالوا البر على الإنفاق حتى تنفقوا مما تحبون وحاصله أن الإنفاق من المحبوب يترتب عليه نيل البر وأن الإنفاق مما عداه لا يترتب عليه نيل البر، وليس في الآية ما يدل على حصر ترتب البر على الإنفاق من المحبوب، ونفي ترتب البر على فعل آخر من الأفعال المأمور بها، وحينئذ لا يبعد أن يكون الفقير الغير المنفق بارا أو نائلا بر الله تعالى بأهل طاعته من جهة أخرى، وربما تستدعي أفعاله الخالية عن إنفاق المال من البر ما هو أكمل وأوفر مما يستدعيه الإنفاق المجرد منه؛ وينجر الكلام إلى مسألة تفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر، وهي مسألة طويلة الذيل قد ألفت فيها الرسائل * (وما تنفقوا من شيء) * أي أي شيء تنفقونه من الأشياء، أو أى شيء تنفقوا طيب تحبونه، أو خبيث تكرهونه - فمن - على الأول متعلقة بمحذوف وقع صفة لاسم الشرط، وعلى الثاني في محل نصب على التمييز * (فإن الله به عليم) * تعليل لجواب الشرط واقع موقعه - أي فيجازيكم يحسبه - فإنه تعالى عليم بكل ما تنفقونه، وقيل: إنه جواب الشرط، والمراد أن الله تعالى يعلمه موجودا على الحد الذي تفعلونه من حسن النية وقبحها، وتقديم الظرف لرعاية الفواصل، وفي الآية ترغيب وترهيب قيل: وفيها إشارة إلى الحث على إخفاء الصدقة.