وقل اللهم مالك الملك - إلى بغير حساب - تعلقن بالعرش وقلن: أتنزلنا على قوم يعملون بمعاصيك؟ فقال: وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يتلوكن عبد عند دبر كل صلاة مكتوبة إلا غفرت له ما كان فيه وأسكنته جنة الفردوس ونظرت له كل يوم سبعين مرة وقضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة ". وأخرج ابن عدي والطبراني والبيهقي - وضعفه - والخطيب وابن النجار عن غالب القطان قال: " أتيت الكوفة فنزلت قريبا من الأعمش فلما كان ليلة أردت أن أنحدر قام فتهجد من الليل فمر بهذه الآية * (شهد الله) * الخ فقال: وأنا أشهد بما شهد الله تعالى به واستودع الله تعالى هذه الشهادة وهي لي وديعة عند الله تعالى قالها مرارا فقلت: لقد سمع فيها شيئا فسألته فقال: حدثني أبو وائل بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول الله تعالى عبدي عهد إلي عهدا وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة " وروي عن سعيد بن جبير " أنه كان حول المدينة ثلثمائة وستون صنما فلما نزلت هذه الآية الكريمة خررن سجدا للكعبة ".
* (إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتابإلا من بعد ما جآءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب) *.
* (إن الدين عند الله الإسلام) * جملة مبتدأة وقعت تأكيدا للأولى، وتعريف الجزئين للحصر - أي لا دين مرضي عند الله تعالى سوى الإسلام - وهو على ما أخرج ابن جرير عن قتادة " شهادة أن لا إله إلا الله تعالى والإقرار بما جاء من عند الله تعالى وهو دين الله تعالى الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياؤه لا يقبل غيره ولا يجزى إلا به ". وروى علي بن إبراهيم عن أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه أنه قال في خطبة له لأنسبن الإسلام نسبة لم ينسبها أحد قبلي، الإسلام هو التسليم، والتسليم هو اليقين، واليقين هو التصديق، والتصديق هو الإقرار، والإقرار هو الأداء، والأداء هو العمل ثم قال: إن المؤمن أخذ دينه عن ربه ولم يأخذه عن رأيه إن المؤمن من يعرف إيمانه في عمله وإن الكافر يعرف كفره بإنكاره أيها الناس دينكم دينكم فإن السيئة فيه خير من الحسنة في غيره إن السيئة فيه تغفر وإن الحسنة في غيره لا تقبل، وقرأ أبي - إن الدين عند الله للإسلام - والكسائي - أن الدين - بفتح الهمزة على أنه بدل الشيء من الشيء إن فسر الإسلام بالإيمان وأريد به الإقرار بوحدانية الله تعالى والتصديق بها الذي هو الجزء الأعظم وكذا إن فسر بالتصديق بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم مما علم من الدين بالضرورة لأن ذلك عين الشهادة بما ذكر باعتبار ما يلزمها فهي عينه مآلا، وأما إذا فسر بالشريعة فالبدل بدل اشتمال لأن الشريعة شاملة للإيمان والإقرار بالوحدانية، وفسرها بعضهم بعلم الأحكام وادعى أولوية هذا الشق نظرا لسياق الكلام مستدلا بأنه لم يقيد علم الأصول بالعندية لأنها أمور بحسب نفس الأمر لا تدور على الاعتبار ولهذا تتحد فيها الأديان الحقة كلها، وقيد الدين الإسلام بالعندية لأن الشرائع دائرة على اعتبار الشارع ولهذا تغير وتبدل بحسب المصالح والأوقات، ولا يخفى ما فيه، أو على أن * (شهد) * (آل عمران) 18) واقع عليه على تقدير قراءة - إنه - بالكسر كما أشير إليه، و * (عند) * على كل تقدير ظرف العامل فيه الثبوت الذي يشير إليه الجملة، وقيل: متعلق بكون خاص ينساق إليه الذهن يقدر معرفة وقع صفة للدين أي - إن الدين المرضي عند الله الإسلام - وقيل: متعلق بمحذوف وقع حالا في الدين، وقيل: متعلق به، وقيل: متعلق بمحذوف وقع خبرا عن مبتدأ محذوف، والجملة معترضة أي هذا الحكم ثابت عند الله، وأرى الكل ليس بشيء أما الأول: فلأن خلاف القاعدة المعروفة في الظروف إذا وقعت بعد النكرات، وأما الثاني: