تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣ - الصفحة ١٠٩
إخراجه عن ظاهره أن الإسلام عين الاهتداء فإن فسر على الأصل اتحد الشرط والجزاء، وفيه معنى ظاهر.
* (وإن تولوا) * أي أعرضوا عن الإسلام ولم يقبلوا * (فإنما عليك البل‍اغ) * قائم مقام الجواب أي لا يضرك شيئا إذ ما عليك إلا البلاغ وقد أديته على أكمل وجه وأبلغه، وهذا قبل الأمر بالقتال فهو منسوخ بآية السيف * (والله بصير بالعباد) * تذييل فيه وعد على الإسلام ووعيد على التولي عنه.
* (إن الذين يكفرون بآي‍ات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم) *.
* (إن الذين يكفرون بئاي‍ات الله) * أية آية كانت، ويدخل فيهم الكافرون بالآيات الناطقة بحقية الإسلام دخولا أوليا * (ويقتلون النبين بغير حق) * هم أهل الكتاب الذين كانوا في عصره صلى الله عليه وسلم إذ لا معنى لإنذار الماضين قال القطب: وإسناد القتل إليهم ولم يصدر منهم قتل لوجهين: أحدهما: أن هذه الطريقة لما كانت طريقة أسلافهم صحت إضافتها إليهم إذ صنع الأب قد يضاف إلى الابن لا سيما إذا كان راضيا به، الثاني: أن المراد من شأنهم القتل إن لم يوجد مانع، والتقييد بغير حق لما تقدم وتركت - أل - هنا دون ما سبق لتفاوت مخرج الجملتين وقد مر ما ينفعك في هذه الآية فتذكر. وقرأ الحسن (يقتلون النبيين).
* (ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس) * أي بالعدل، ولعل تكرير الفعل للإشعار بما بين القتلين من التفاوت أو باختلافهما في الوقت، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عبيدة بن الجراح " قال: قلت يا رسول الله: أي الناس أشد عذابا يوم القيامة؟ قال: رجل قتل نبيا أو رجلا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر - ثم قرأ الآية - ثم قال صلى الله عليه وسلم: يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة رجل وسبعون رجلا من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار من ذلك اليوم فهم الذين ذكر الله تعالى " وقرأ حمزة - ويقاتلون الذين - وقرأ عبد الله - وقاتلوا - وقرأ أبي - ويقتلون النبيين - و - الذين يأمرون - * (فبشرهم بعذاب أليم) * خبر * (إن) * ودخلت الفاء فيه لتضمن الاسم معنى الشرط ولا يمنع الناسخ الذي لم يغير معنى الابتداء من الدخول ومتى غير - كليت، ولعل - امتنع ذلك إجماعا، وسيبويه والأخفش يمنعانه عند النسخ مطلقا فالخبر عندهما [يم قوله تعالى:
* (أول‍ائك الذين حبطت أعم‍الهم في الدنيا والاخرة وما لهم من ن‍اصرين) *.
* (أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة) * وجملة * (فبشرهم) * (آل عمران: 21) معترضة بالفاء كما في قولك زيد - فافهم - رجل صالح، وقد صرح به النحاة في قوله: - فاعلم - فعلم المرء ينفعه * أن سوف يأتي كل ما قدرا ومن لم يفهم هذا قال: إن الفاء جزائية وجوابها مقدم من تأخير والتقدير زيد رجل صالح؛ وإذا قلنا لك ذلك - فافهم - وعلى الأول هو استئناف، و * (أولئك) * مبتدأ، وما فيه من البعد على المشهور للإيذان ببعد منزلتهم في فظاعة الحال، والموصول خبره - أي أولئك المتصفون بتلك الصفات الشنيعة الذين بطلت أعمالهم وسقطت عن حيز الاعتبار وخلت عن الثمرة في الدنيا حيث لم تحقن دماؤهم وأموالهم ولم يستحقوا بها مدحا وثناءا وفي الآخرة حيث لم تدفع عنهم العذاب ولم ينالوا بسببها الثواب - وهذا شامل للأعمال المتوقفة على النية ولغيرها. ومن الناس من ذهب إلى أن العمل الغير المتوقف على النية كالصدقة وصلة الرحم ينتفع به الكافر في الآخرة ولا يحبط بالكفر، فالمراد بالأعمال هنا ما كان من القسم الأول، وإن أريد ما يشمل القسمين التزم كون هذا
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»