تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٣ - الصفحة ١١٧
فصل الخطاب، فعلى المفهوم من اللسان العربي بالحساب القمري أي ليلة الأحد سلخ الله تعالى منها نهار الأربعاء وسلخ من ليلة الاثنين نهار الخميس، ومن ليلة الثلاثاء نهار الجمعة، ومن ليلة الأربعاء نهار السبت، ومن ليلة الخميس نهار الأحد، ومن ليلة الجمعة نهار الاثنين ومن ليلة السبت نهار الثلاثاء فجعل سبحانه بين كل ليلة ونهارها المسلوخ منها ثلاث ليال وثلاثة نهارات فكانت ستة وهي نشأتك ذاك الجهات، فالليالي منها للتحت والشمال والخلف، والنهارات منها للفوق واليمين والامام فلا يكون الإنسان نهارا ونورا تشرق شمسه وتشرق به أرضه حتى ينسلخ من ليل شهوته ولا يقبل على من لا يقبل الجهات حتى يبعد عن جهات هيكله، وإنما نسبوا هذه النسبة من جهة الاشتراك في الشأن الظاهر لستر الحكمة الالهية على يد الموكلين بالساعات، وفي اليوم الإيلاجي الشاني يعتبرون ليلا ونهارا أيضا وهو عندهم أربع وعشرون ساعة قد اتحد فيها الشأن فلم ينبعث فيها إلا معنى واحد ويتنوع في الموجودات بحسب استعداداتها ولهذا قال سبحانه: * (كل يوم هو في شأن) * (الرحمان: 29) ولم يقل - في شؤون - وتنوينه للتعظيم الظاهر باختلاف القوابل وتكثر الأشخاص فإذا ساعات ذلك اليوم تحت حكم واحد ونظر وال واحد قد ولاه من لا يكون في ملكه إلا ما يشاء وتولاه وخصه بتلك الحركة وجعله أميرا في ذلك، والمتصرف الحقيقي هو الله تعالى لا هو من حيث هو، فاليوم الشاني ما كانت ساعاته كلها سواء ومتى اختلفت فليس بيوم واحد ولا يوجد هذا في أيام التكوير وكذا في أيام السلخ إلا قليلا فطلبنا ذلك في الأيام الإيلاجية فوجدناه مستوفى فيه، وقد أرسل سبحانه آية الإيلاج ولم يقل: * (يولج الليل) * الذي صبيحته الأحد في الأحد ولا النهار الذي مساؤه ليلة الاثنين في الاثنين فإذا لا يلتزم أن ليلة الأحد هي ليلة الكور ولا ليلة السلخ وإنما يطلب وحدانية اليوم من أجل أحدية الشأن فلا ينظر إلا إلى اتحاد الساعات، والحكم المولى من قبل المولى فليلة الأحد الايلاجي مركبة من الساعة الأولى من ليلة الخميس، والثانية منها، والثالثة من يوم الخميس، والعاشرة منها، والخامسة من ليلة الجمعة، والثانية عشرة منها، والسابعة من يوم الجمعة، والثامنة من ليلة السبت، والتاسعة منها، والرابعة من يوم السبت، والحادية عشرة منه، والسادسة من ليلة الأحد فهذه ساعات ليله. وأما ساعات نهاره من أيام التكوير فالأولى من يوم الأحد، والثامنة والثالثة من يوم الاثنين والعاشرة منه، والخامسة من يوم الاثنين والثانية عشرة منه والسابعة من ليلة الثلاثة والثانية من يوم الثلاثاء والتاسعة منه، والرابعة من ليلة الأربعاء والحادية عشرة منها والسادسة من يوم الأربعاء فهذه أربعة وعشرون ساعة ظاهرة كالشمس ليوم الأحد الإيلاجي الشاني كلها كنفس واحدة لأنها من معدن واحد، وهكذا تقول في سائر الأيام حتى تكمل سبعة أيام متميزة بعضها من بعض مولجة بعضها في بعض نهارها في ليلها وليلها في نهارها لحكمة التوالد والتناسل وذلك كسريان الحكم الواحد في الأيام، ويظهر ذلك من أيام التكوير. وقد ذكر مولانا الشيخ الأكبر قدس سره الشأن في كل يوم في رسالته " المسماة بالشأن الالهي "، ولعلي إن شاء الله تعالى أذكر ذلك عند قوله تعالى: * (كل يوم هو في شأن) * (الرحمان: 29) وهذه الأيام أيضا غير يوم المثل وهو عمر الدنيا ويوم الرب ويوم المعارج ويوم القمر ويوم الشمس ويوم زحل ويوح الحمل ولكل كوكب من السيارات والبروج يوم - وقد ذكر كل ذلك في " الفتوحات " - وإنما تعرضنا لهذا المقدار وإن كان الاستقصاء في بيان مشرب القوم ليس بدعا في هذا الكتاب تعليما لبعض طلبة العلم ما الليل والنهار إذ قد ظنوا لجهلهم بسبب بحث جرى بنا الظنون، وفي هذا كفاية لمن ألقى السمع وهو شهيد فحمدا لك اللهم على ما علمت ولك الشكر على ما أنعمت.
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»