- واللام - هي ألفا صلة بين المخففة والنافية. وزعم الكوفيون أن (إن) هي النافية - واللام - بمعنى إلا، وقال البصريون، لو كان كذلك لجاز أن يقال: جاء القوم لزيدا على معنى إلا زيدا - وليس فليس - وقرىء * (لكبيرة) * بالرفع ففي (كان) ضمير القصة، و (كبيرة) خبر مبتدأ محذوف، أي لهي (كبيرة) والجملة خبر (كان) وقيل: إن كانت زائدة كما في قوله: وإخوان لنا كانوا كرام واعترض بأنه إن أريد أن (كان) مع اسمها زائدة كانت (كبيرة) بلا مبتدأ و (إن) المخففة بلا جملة، ومثله خارج عن القياس، وإن أريد إن (كان) وحده كذلك والضمير باق على الرفع بالابتداء - فلا وجه لاتصاله واستتاره - وأجيب بأنه لما وقع بعد (كان) وكان من جهة المعنى في موقع اسم (كان) جعل مستترا تشبيها بالاسم، وإن كان مبتدأ تحقيقا، ولا يخفى أنه من التكلف غايته، ومن التعسف نهايته * (إلا على الذين هدى الله) * أي إلى سر الأحكام الشرعية المبنية على الحكم والمصالح إجمالا أو تفصيلا، والمراد بهم * (من يتبع الرسول) * من الثابتين على الإيمان الغير المتزلزلين المنقلبين على أعقابهم.
* (وما كان الله ليضيع إيمانكم) * أي صلاتكم إلى القبلة المنسوخة، ففي الصحيح أنه لما وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القبلة قالوا: يا رسول الله، فكيف بالذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس، فنزلت، فالإيمان مجاز من إطلاق اللازم على ملزومه، والمقام قرينة وهو التفسير المروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وغيره من أئمة الدين - فلا معنى لتضعيفه كما يحكيه صنيع بعضهم - وقيل: المراد ثباتكم على الإيمان أو إيمانكم بالقبلة المنسوخة - واللام - في * (ليضيع) * متعلقة بخبر (كان) المحذوف - كما هو رأي البصريين - وانتصاب الفعل بعدها بأن مضمرة أي ما كان مريدا - لأن يضيع - وفي توجيه النفي إلى إرادة الفعل مبالغة ليست في توجيهه إليه نفسه، وقال الكوفيون: اللام زائدة وهي الناصبة للفعل، و (يضيع) هو الخبر، ولا يقدح في عملها زيادتها كما لا تقدح زيادة حروف الجر في العمل، وبهذا يندفع استبعاد أبي البقاء خبرية (يضيع) بأن - اللام لام الجر - و (إن) بعدها مرادة فيصير التقدير ما كان الله إضاعة إيمانكم - فيحوج للتأويل - لكن أنت تعلم أن هذا الذي ذهب إليه الكوفيون بعيد من جهة أخرى لا تخفى. * (إن الله بالناس لرءوف رحيم) * تذييل لجميع ما تقدم، فإن اتصافه تعالى بهذين الوصفين يقتضي لا محالة أن الله لا يضيع أجورهم ولا يدع ما فيه صلاحهم - والباء - متعلقة ب (رءوف) وقدم على * (رحيم) * الرأفة مبالغة في رحمة خاصة، وهي رفع المكروه وإزالة الضرر كما يشير إليه قوله تعالى: * (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) * (النور: 2) أي لا ترأفوا بهما فترفعوا الجلد عنهما - الرحمة - أعم منه، ومن الافضال ودفع الضرر أهم من جلب النفع، وقول القاضي بيض الله تعالى غرة أحواله: لعل تقديم - الرءوف - مع أنه أبلغ - محافظة على الفواصل - ليس بشيء لأن فواصل القرآن لا يلاحظ فيها الحرف الأخير كالسجع - فالمراعاة حاصلة على كل حال - ولأن الرحمة حيث وردت في القرآن قدمت ولو في غير الفواصل كما في قوله تعالى: * (رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها) * (الحديد: 27) في وسط الآية، وكلام الجوهري في هذا الموضع خزف لا يعول عليه، وقول عصام: - إنه لا يبعد أن يقال: - الرءوف - إشارة إلى المبالغة في رحمته لخواص عباده - والرحيم - إشارة إلى الرحمة لمن دونهم فرتبا على حسب ترتيبهم، فقد - الرءوف - لتقدم متعلقه شرفا وقدرا - لا شرف ولا قدر، بل ولا عصام له لأنه تخصيص لا يدل عليه كتاب ولا سنة ولا استعمال، وقرأ نافع، وابن كثير، وابن عامر، وحفص * (لرءوف) * بالمد، والباقون بغير مد كندس.
* (قد نرى تقلب وجهك في السمآء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتابليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون) *