لم يصلوا إلى مقام التمكين * (لا طاقة لنا اليوم) * بمحاربة جالوت النفس وأعوانه لعراقتهم بالخدع والدسائس * (قال الذين) * يتيقنون * (أنهم ملاقوا الله) * بالرجوع إليه: * (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة) * وقهرتها حتى أذهبت كثرتها * (بإذن الله) * وتيسيره، * (والله مع الصابرين) * (البقرة: 249) بالتجلي الخاص لهم، فلما برزوا لحرب جالوت وجنوده تبرءوا من الحول والقوة وقالوا: * (ربنا أفرغ علينا صبرا) * واستقامة، * (وثبت أقدامنا) * في ميادين الجهاد حتى لا نرجع القهقرى من بعد؛ * (وانصرنا) * (البقرة: 250) على أعدائنا الذين ستروا الحق، وهم النفس الأمارة وصفاتها * (فهزموهم) * وكسروهم * (بإذن الله وقتل داود) * القلب * (جالوت) * النفس، ووصلوا كلهم إلى مقام التمكين فلا يخشون الرجعة والردة، وكان قد رماه بحجر التسليم في مقلاع الرضا بيد ترك الالتفات إلى السوي فأصاب ذلك دماغ هواه فخر صريعا فآتى الله تعالى داود ملك الخلافة وحكمة الإلهامات * (وعلمه مما يشاء) * من صنعة لبوس الحروب، ومنطق طيور الواردات وتسبيح جبال الأبدان، * (ولولا دفع الله الناس بعضهم) * كأرباب الطلب * (ببعض) * كالمشايخ الواصلين * (لفسدت) * أرض استعداداتهم المخلوقة في أحسن تقويم عند استيلاء جالوت النفس، * (ولكن الله ذو فضل على العالمين) *، (البقرة: 251) ومن فضله تحريك سلسلة طلب الطالبين وإلهام أسرارهم إرادة المشايخ الكاملين وتوفيقهم للتمسك بذيل تربيتهم والتشبث بأهداب سيرتهم فسبحانه من جواد لا يبخل ومتفضل على من سأل ومن لم يسأل.
(١٧٦)