الذين يسألون فتعرف حالهم بسؤالهم، والمساكين السابق ذكرهم الذين لا يسألون وتعرف حاجتهم بحالهم وإن كان ظاهرهم الغنى وعليه يكون التقييد في الحديث لتأكيد رعاية حق السائل وتحقيق أن السؤال سبب للاستحقاق، وإن فرض وجوده من الغني كالقرابة واليتم.
* (وفي الرقاب) * متعلق ب * (آتى) * أي آتى المال في تخليص الرقاب وفكاكها بمعاونة المكاتبين، أوفك الأسارى، أو ابتياع الرقاب لعتقها، و - الرقبة - مجاز عن الشخص وإيراد كلمة - في للإيذان بأن ما يعطى لهؤلاء مصروف في تخليصهم لا يملكونه كما في المصارف الأخر * (وأقام الصلواة) * عطف على صلة (من) والمراد بالصلاة المفروضة كالزكاة في * (وءاتى الزكواة) * بناءا على أن المراد بما مر من إيتاء المال نوافل الصدقات وقدمت على الفريضة مبالغة في الحث عليها، أو حقوق كانت في المال غير مقدرة سوى الزكاة، أخرج الترمذي والدارقطني وجماعة عن فاطمة بنت قيس قالت: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في المال حق سوى الزكاة ثم قرأ الآية " وأخرج البخاري في " تاريخه " عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه نحو ذلك، واختلف هل بقي هذا الحق أم لا؟ فذهب قوم إلى الثاني واستدلوا بما روي عن علي كرم الله تعالى وجهه مرفوعا - نسخ الأضحى كل ذبح، ورمضان كل صوم؛ وغسل الجنابة كل غسل، والزكاة كل صدقة - وقال جماعة بالأول لقوله تعالى: * (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) * (الذاريات: 19) ولقوله عليه الصلاة والسلام: " لا يؤمن بالله واليوم الآخر من بات شبعا وجاره طاو إلى جنبه " وللإجماع على أنه إذا انتهت الحاجة إلى الضرورة وجب على الناس أن يعطوا مقدار دفع الضرورة وإن لم تكن الزكاة واجبة عليهم ولو امتنعوا عن الأداء جاز الأخذ منهم وأجابوا عن الحديث بأنه غريب معارض، وفي إسناده المسيب بن شريك - وهو ليس بالقوي عندهم - وبأن المراد أن الزكاة نسخت كل صدقة مقدرة، وجوز أن يكون المراد بما مر الزكاة المفروضة أيضا ولا تكرار لأن الغرض مما تقدم بيان مصارفها، ومن هذا بيان أدائها والحث عليها وترك ذكر بعض المصارف لأن المقصود ههنا بيان أبواب الخير دون الحصر، وقدم بيان المصرف اهتماما بشأنه فإن الصدقة إنما تعتبر إذا كانت في مصرفها ومحلها كما يدل عليه قوله تعالى: * (قل ما أنفقتهم من خير فللوالدين والأقربين) * (البقرة: 215) وعلى هذا يتعين أن يراد بالسائلين الفقراء * (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا) * عطف على * (من آمن) * ولم يقل وأوفى كما قبله إشارة إلى وجوب استقرار الوفاء، وقيل: رمزا إلى أنه أمر مقصود بالذات، وقيل: إيذانا بمغايرته لما سبق فإنه من حقوق الله تعالى والسابق من حقوق الناس، وعلى هذا فالمراد بالعهد ما لا يحلل حراما ولا يحرم حلالا من العهود الجارية فيما بين الناس، والظاهر حمل العهد على ما يشمل حقوق الحق وحقوق الخلق، وحذف المعمول يؤذن بذلك، والتقييد بالظرف للإشارة إلى أنه لا يتأخر إيفاؤهم بالعهد عن وقت المعاهدة، وقيل: للإشارة إلى عدم كون العهد من ضروريات الدين وليس للتأكيد كما قيل: به * (والصابرين في البأسآء والضرآء) * نصب على المدح بتقدير - أخص أو أمدح - وغير سبكه عما قبله تنبيها على فضيلة الصبر ومزيته على سائر الأعمال حتى كأنه ليس من جنس الأول، ومجي القطع في العطف مما أثبته الأئمة الأعلام ووقع في الكتاب أيضا واستحسنه الأجلة وجعلوه أبلغ من الاتباع وقد جاء في النكرة أيضا كقول الهذلي: ويأوي إلى نسوة عطل * وشعثا مراضيع مثل السعالى