تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ٣٧٤
والمراد به هنا التكليف، أو المعاملة معاملة الاختبار مجازا، إذ حقيقة الاختبار محالة عليه تعالى - لكونه عالم السر والخفيات - و (إبراهيم) علم أعجمي، قيل: معناه قبل النقل - أب رحيم - وهو مفعول مقدم لإضافة فاعله إلى ضميره، والتعرض لعنوان الربوبية تشريف له عليه السلام، وإيذان بأن ذلك - الابتلاء - تربية له وترشيح لأمر خطير، و - الكلمات - جمع - كلمة - وأصل معناها - اللفظ المفرد - وتستعمل في الجمل المفيدة، وتطلق على معاني ذلك - لما بين اللفظ والمعنى من شدة الاتصال - واختلف فيها، فقال طاوس عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: إنها العشرة التي من الفطرة، المضمضة، والاستنشاق، وقص الشارب، وإعفاء اللحية، والفرق، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وحلق العانة. والاستطابة، والختان، وقال عكرمة رواية عنه أيضا: لم يبتل أحد بهذا الدين فأقامه كله إلا إبراهيم، ابتلاه الله تعالى بثلاثين خصلة من خصال الإسلام، عشر منها في سورة براءة (112) * (التائبون) * الخ، وعشر في الأحزاب (35) * (إن المسلمين والمسلمات) * الخ، وعشر في المؤمنين و * (سأل سائل) * إلى * (والذين هم على صلاتهم يحافظون) * (المعارج: 1 - 34) وفي رواية الحاكم في " مستدركه " أنها ثلاثون، وعد السور الثلاثة الأول ولم يعد السورة الأخيرة، فالذي في براءة التوبة والعبادة والحمد والسياحة والركوع والسجود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحفظ لحدود الله تعالى، والإيمان المستفاد من * (وبشر المؤمنين) * (الأحزاب: 47) أو من * (إن الله اشترى من المؤمنين) * (التوبة: 111) في الأحزاب، الإسلام والإيمان والقنوت والصدق والصبر والخشوع والتصدق والصيام والحفظ للفروج، والذكر والذي في المؤمنين: الإيمان والخشوع والإعراض عن اللغو والزكاة والحفظ للفروج - إلا على الأزواج أو الإماء ثلاثة - والرعاية للعهد، والأمانة اثنين، والمحافظة على الصلاة، وهذا مبني على أن لزوم التكرار في بعض الخصال بعد جمع العشرات المذكورة، كالإيمان والحفظ للفروج لا ينافي كونها ثلاثين تعدادا - إنما ينافي تغايرها ذاتا - ومن هنا عدت التسمية مائة وثلاث عشرة آية عند الشافعية باعتبار تكررها في كل سورة، وما في رواية عكرمة مبني على اعتبار التغاير بالذات وإسقاط المكررات، وعده العاشرة البشارة للمؤمنين في براءة، وجعل الدوام على الصلاة والمحافظة عليها واحدا * (والذين في أموالهم حق معلوم * للسائل والمحروم) * (المعارج: 24، 25) غير - الفاعلين للزكاة - لشموله صدقة التطوع وصلة الأقارب، وما روي أنها أربعون وبينت بما في السور الأربع مبني على الاعتبار الأول أيضا - فلا إشكال - وقيل: ابتلاه الله تعالى بسبعة أشياء: بالكوكب، والقمرين، والختان على الكبر، والنار، وذبح الولد، والهجرة من كوثى إلى الشام، وروي ذلك عن الحسن، وقيل: هي ما تضمنته الآيات بعد من الإمامة، وتطهير البيت، ورفع قواعده، والإسلام، (وقيل، وقيل...) إلى ثلاثة عشر قولا، وقرأ ابن عامر وابن الزبير وغيرهما (إبراهام) وأبو بكرة (إبراهم) - بكسر الهاء وحذف الياء - وقرأ ابن عباس، وأبو الشعثاء، وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنهم برفع (إبراهيم) ونصب (ربه) - فالابتلاء - بمعنى الاختبار حقيقة لصحته من العبد، والمراد: دعا ربه بكلمات مثل * (رب أرني كيف تحيى الموتى) * (البقرة: 26) و * (اجعل هذا البلد آمنا) * (ابراهيم: 35) ليرى هل يجيبه؟ ولا حاجة إلى الحمل على المجاز. وأما ما قيل: إنه - وإن صح من العبد - لا يصح - أو لا يحسن تعليقه بالرب - فوجهه غير ظاهر سوى ذكر لفظ - الابتلاء - ويجوز أن يكون ذلك في مقام الإنس، ومقام الخلة غير خفي * (فأتمهن) * الضمير المنصوب - للكلمات - لا غير، والمرفوع المستكن يحتمل أن يعود - لإبراهيم - وأن يعود - لربه - على كل من قرائتي - الرفع والنصب - فهناك أربعة احتمالات الأول: عوده على * (إبراهيم) * منصوبا، ومعنى: * (أتمهن) * حينئذ أتى بهن على الوجه الأتم وأداهن
(٣٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 379 ... » »»