منعها كراهية أن يذكر أو بدل اشتمال من (مساجد) والمفعول الثاني إذن مقدر أي عمارتها أو العبادة فيها أو نحوه أو الناس مساجد الله تعالى أو لا تقدير؛ والفعل متعد لواحد وكنى بذكر اسم الله تعالى عما يوقع في المساجد من الصلوات والتقربات إلى الله تعالى بالأفعال القلبية والقالبية المأذون بفعلها فيها.
* (وسعى في خرابها) * أي هدمها وتعطيلها، وقال الواحدي: إنه عطف تفسير لأن عمارتها بالعبادة فيها * (أولائك) * الظالمون المانعون الساعون في خرابها. * (ما كان لهم أن يدخلوهآ إلا خائفين) * - اللام - في * (لهم) * إما للاختصاص - على وجه اللياقة - كما في الجل للفرس، والمراد من - الخوف - الخوف من الله تعالى، وإما للاستحقاق كما في - الجنة للمؤمن - والمراد من - الخوف - الخوف من المؤمنين، وإما لمجرد الارتباط بالحصول، أي: ما كان لهم في علم الله تعالى وقضائه أن يدخلوها فيما سيجىء إلا خائفين والجملة على الأول: مستأنفة جواب لسؤال نشأ من قوله تعالى: * (وسعى في خرابها) * كأنه قيل: فما اللائق بهم؟ والمراد من - الظلم - حينئذ وضع الشيء في غير موضعه. وعلى الثاني: جواب سؤال ناشىء من قوله سبحانه: * (من أظلم ممن منع) * كأنه قيل: فما كان حقهم؟ والمراد من - الظلم - التصرف في حق الغير وعلى الثالث: اعتراض بين كلامين متصلين معنى، وفيه وعد المؤمنين بالنصرة وتخليص - المساجد - عن الكفار - وللاهتمام بذلك وسطه - وقد أنجز الله تعالى وعده والحمد لله؛ فقد روي أنه لا يدخل بيت المقدس أحد من النصارى إلا متنكرا مسارقة، وقال قتادة: لا يوجد نصراني في بيت المقدس إلا انتهك ضربا، وأبلغ إليه في العقوبة، ولا نقض باستيلاء الأقرع، وبقاء بيت المقدس في أيدي النصارى أكثر من مائة سنة إلى أن استخلصه الملك صلاح الدين لأن الإنجاز يستدعي تحقيقه في وقت ما، ولا دلالة فيه على التكرار، وقيل: النفي بمعنى النهي - ومعناه على طريق الكناية - النهي عن التخلية والتمكين من دخولهم المساجد، وذلك يستلزم - أن لا يدخلوها إلا خائفين - من المؤمنين، فذكر اللازم وأريد الملزوم، ولا يخفى أن النهي عن التخلية والتمكين المذكور في وقت قوة الكفار ومنعهم المساجد لا فائدة فيه سوى الإشعار بوعد المؤمنين بالنصرة والاستخلاص منهم، فالحمل عليه من أول الأمر أولى، واختلف الأئمة في دخول الكفار المسجد، فجوزه الإمام أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه مطلقا للآية - فإنها تفيد دخولهم بخشية وخشوع - ولأن وفد ثقيف قدموا عليه عليه الصلاة والسلام فأنزلهم المسجد، ولقوله صلى الله عليه وسلم: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن دخل الكعبة فهو آمن " والنهي محمول على التنزيه أو الدخول للحرم بقصد الحج، ومنعه مالك رضي الله تعالى عنه مطلقا لقوله تعالى: * (إنما المشركون نجس) * (التوبة: 28) والمساجد يجب تطهيرها عن النجاسات، ولذا يمنع الجنب عن الدخول - وجوزه لحاجة - وفرق الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه بين المسجد الحرام وغيره وقال: الحديث منسوخ بالآية، وقرأ عبد الله * (إلا خيفا) * وهو مثل صيم * (لهم في الدنيا خزي) * أي عظيم بقتل أبطالهم وأقيالهم، وكسر أصنامهم، وتسفيه أحلامهم، وإخراجهم من جزيرة العرب التي هي دار قرارهم، ومسقط رؤوسهم، أو بضرب الجزية على أهل الذمة منهم * (ولهم في الآخرة عذاب عظيم) * وهو عذاب النار لما أن سببه أيضا، وهو ما حكى من ظلمهم - كذلك في العظم - وتقديم الظرف في الموضعين للتشويق لما يذكر بعده.
ومن باب الإشارة في الآية: ومن أبخس حظا وأنقص حقا ممن منع مواضع السجود لله تعالى وهي القلوب