تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ٣٤٥
مسموع كما في قوله: هما أخوا في الحرب من لا أخاله * وإن خاف يوما كبوة فدعاهما واختار ذلك الزمخشري، وفيه أن جعل الجار جزءا من المجرور ليس بشيء لأنه مؤثر فيه، وجزء الشيء لا يؤثر فيه، وأيضا الفصل بين المتضايفين بالظرف وإن سمع من ضرائر الشعر كما صرح به أبو حيان ولظن تعين هذا مخرجا قال ابن جني: إن هذه القراءة أبعد الشواذ * (إلا باذن الله) * استثناء مفرغ من الأحوال والباء متعلقة بمحذوف وقع حالا من ضمير - ضارين - أو من مفعوله المعتمد على النفي أو الضمير المجرور في * (به ) * أو المصدر المفهوم من الوصف، والمراد من الاذن هنا التخلية بين المسحور وضرر السحر - قاله الحسن - وفيه دليل على أن فيه ضررا مودعا إذا شاء الله تعالى حال بينه وبينه، وإذا شاء خلاه وما أودعه فيه، وهذا مذهب السلف في سائر الأسباب والمسببات، وقيل: الإذن بمعنى الأمر ويتجوز به عن التكوين بعلاقة ترتب الوجود على كل منهما في الجملة، والقرينة عدم كون القبائح مأمورا بها ففيه نفي كون الأسباب مؤثرة بنفسها بل يجعله إياها أسبابا إما عادية أو حقيقية، وقيل: إنه هنا بمعنى العلم، وليس فيه إشارة إلى نفي التأثير بالذات كالوجهين الأولين. * (ويتعلمون ما يضرهم) * لأنهم يقصدون به العمل قصدا جازما وقصد المعصية كذلك معصية أو لأن العلم يدعو إلى العمل ويجر إليه لا سيما عمل الشر الذي هو هوى النفس، فصيغة المضارع للحال على الأول وللاستقبال على الثاني * (ولا ينفعهم) * عطف على ما قبله للإيذان بأنه شر بحت وضرر محض لا كبعض المضار المشوبة بنفع وضرر لأنهم لا يقصدون به التخلص عن الاغترار بأكاذيب السحرة ولا إماطة الأذى عن الطريق حتى يكون فيه نفع في الجملة، وفي الاتيان ب (لا) إشارة إلى أنه غير نافع في الدارين لأنه لا تعلق له بانتظام المعاش ولا المعاد وفي الحكم بأنه ضار غير نافع تحذير بليغ - لمن ألقى السمع وهو شهيد - عن تعاطيه وتحريض على التحرز عنه، وجوز بعضهم أن يكون * (لا ينفعهم) * على إضمار هو فيكون في موضع رفع وتكون الواو للحال ولا يخفى ضعفه * (ولقد علموا) * متعلق بقوله تعالى: * (ولما جاءهم) * (البقرة: 101) الخ، وقصة السحر مستطردة في البين فالضمير لأولئك اليهود، وقيل: الضمير لليهود الذين كانوا على عهد سليمان عليه السلام، وقيل: للملكين لأنهما كانا يقولان: * (فلا تكفر) * وأتى بضمير الجمع على قول من يرى ذلك * (لمن اشترياه) * أي استبدل ما تتلوا الشياطين بكتاب الله، واللام للابتداء وتدخل على المبتدأ، وعلى المضارع ودخولها على الماضي مع قد كثير وبدونه ممتنع، وعلى خبر المبتدأ إذا تقدم عليه، وعلى معمول الخبر إذا وقع موقع المبتدأ؛ والكوفيون يجعلونها في الجميع جواب القسم المقدر وليس في الوجود عندهم لام ابتداء كما يشير إليه كلام الرضى، وقد علقت هنا - علم - عن العمل سواء كانت متعدية لمفعول أو مفعولين - فمن - موصولة مبتدأ و (اشتراه) صلتها وقوله تعالى:
* (ما له في الاخرة من خل‍اق) * جملة ابتدائية خبرها، و - من - مزيدة في المبتدأ، و * (في الآخرة) * متعلق بما تعلق به الخبر أو حال من الضمير فيه أو من مرجعه، و - الخلاق - النصيب - قاله مجاهد - أو القوام - قاله ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما، أو القدر - قاله قتادة - ومنه قوله:
فمالك بيت لدى الشامخات * ومالك في غالب من (خلاق)
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»