- الضمة - إلى ما قبلها، فهو مصدر ميمي، وقيل: مفعولة وأصلها (مثووبة) فنقلت - ضمة الواو - إلى ما قبلها، وحذفت لالتقاء الساكنين، فهي من المصادر التي جاءت على مفعولة كمصدوقة - كما نقله الواحدي - ويقال: * (مثوبة) * - بسكون الثاء وفتح الواو - وكان من حقها أن تعل، فيقال: مثابة - كمقامة - إلا أنهم صححوها كما صححوا في الأعلام مكوزة وبها قرأ قتادة وأبو السماك؛ والمراد بها الجزاء والأجر، وسمي بذلك لأن المحسن يثوب إليه، والقول بأن المراد بها الرجعة إليه تعالى بعيد * (لو كانوا يعلمون) * المفعول محذوف بقرينة السابق، أي إن ثواب الله تعالى خير وكلمة (لو) إما للشرط، والجزاء محذوف أي: آمنوا وإما للتمني ولا حذف، ونفي العلم على التقديرين بنفي ثمرته الذي هو العمل، أو لترك التدبر، هذا ومن باب الإشارة في الآيات * (واتبعوا) * أي اليهود وهي القوى الرواحينة * (ما تتلوا الشياطين) * وهم من الإنس المتمردون الأشرار، ومن الجن الأوهام والتخيلات المحجوبة عن نور الروح المتمردة عن طاعة القلب العاصية لأمر العقل والشرع، والنفوس الأرضية المظلمة القوية على عهد * (ملك سليمان) * الروح الذي هو خليفة الله تعالى في أرضه * (وما كفر سليمان) * بملاحظة السوى واتباع الهوى، وإسناد التأثير إلى الأغيار * (ولكن الشياطين كفروا) * وستروا مؤثرية الله تعالى وظهوره الذي محا ظلمة العدم. * (يعلمون الناس السحر) * والشبه الصادة عن السير والسلوك إلى ملك الملوك * (وما أنزل على الملكين) * وهما العقل النظري والعقل العملي النازلان من سماء القدس إلى أرض الطبيعة المنكوسان في بئرها لتوجههما إليها باستجذاب النفس إياهما * (ببابل) * الصدر المعذبان بضيق المكان بين أبخرة حب الجاه، ومواد الغضب؛ وأدخنة نيران الشهوات المبتليان بأنواع المتخيلات، والموهومات الباطلة من الحيل والشعوذة والطلسمات والنيرنجات * (وما يعلمان من أحد حتى يقولا) * له * (إنما نحن) * امتحان وابتلاء من الله تعالى * (فلا تكفر) * وذلك لقوة النورية وبقية الملكوتية فيهما، فإن العقل دائما ينبه صاحبه - إذا صحا عن سكرته وهب من نومته - عن الكفر والاحتجاب * (فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين) * القلب والنفس، أو بين الروح والنفس بتكدير القلب * (ويتعلمون ما يضرهم) * بزيادة الاحتجاب وغلبة هوى النفس * (ولا ينفعهم) * كسائر العلوم في رفع الحجاب وتخلية النفس وتزكيتها * (ولقد علموا لمن اشتراه ماله) * في مقام الفناء والرجوع إلى الحق سبحانه من نصيب لإقباله على العالم السفلي وبعده عن العالم العلوي بتكدر جوهر قلبه، وانهماكه برؤية الأغيار * (ولو أنهم آمنوا) * برؤية الأفعال من الله تعالى واتقوا الشرك باثبات ما سواه لأثيبوا بمثوبه * (من عند الله) * تعالى دائمة، ولرجوا إليه، وذلك * (خير لهم لو كانوا) * من ذوي العلم والعرفان والبصيرة والإيقان.
* (يأيها الذين ءامنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم) * * (ياأيها الذين ءامنوا لا تقولوا راعنا) * الرعي حفظ الغير لمصلحته سواء كان الغير عاقلا أو لا، وسبب نزول الآية - كما أخرج أبو نعيم في " الدلائل " عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه - أن اليهود كانوا يقولون ذلك سرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سب قبيح بلسانهم، فلما سمعوا أصحابه عليه الصلاة والسلام يقولون: أعلنوا بها، فكانوا يقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وروي أن سعد بن عبادة رضي الله تعالى عنه سمعها منهم، فقال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله، والذي نفسي بيده لئن سمعتها من رجل منكم يقولها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأضربن عنقه، قالوا: أولستم تقولونها؟ فنزلت الآية ونهي المؤمنون سدا للباب، وقطعا للألسنة وإبعادا عن المشابهة. وأخرج عبيد وابن جرير والنحاس عن عطاء قال: كانت (راعنا) لغة الأنصار في الجاهلية فنهاهم الله تعالى عنها في الإسلام، ولعل المراد أنهم يكثرونها في كلامهم