تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ٤ - الصفحة ٦١
تعالى فكيف يصح أن يكونوا أربابا وهم مأمورون مستعبدون مثلهم ولا يقدح في ذلك كون ربوبية الأحبار والرهبان بطريق الإطاعة فإن تخصيص العبادة به تعالى لا يتحقق إلا بتخصيص الطاعة أيضا به تعالى وحيث لم يخصوها به تعالى لم يخصوا العبادة به سبحانه «لا إله إلا هو» صفة ثانية لإلها أو استئناف مقرر للتوحيد «سبحانه عما يشركون» عن الإشراك به في العبادة والطاعة «يريدون أن يطفئوا نور الله» إطفاء النار عبارة عن إزالة لهبا الموجبة لزوال نورها لا عن إزالة نورها كما قيل لكن لما كان الغرض من إطفاء نار لا يراد بها إلا النور كالمصباح إزالة نورها جعل إطفاؤها عبارة عنها ثم شاع ذلك حتى كان عبارة عن مطلق إزالة النور وإن كان لغير النار والسر في ذلك انحصار إمكان الإزالة في نورها والمراد بنور الله سبحانه إما حجته النيرة الدالة على وحدانيته وتنزهه عن الشركاء والأولاد أو القرآن العظيم الناطق بذلك أي يريد أهل الكتابين أن يردوا القرآن ويكذبوه فيما نطق به من التوحيد والتنزه عن الشركاء والأولاد والشرائع التي من جملتها ما خالفوه من أمر الحل والحرمة «بأفواههم» بأقاويلهم الباطلة الخارجة منها من غير أن يكون لها مصداق تنطبق عليه أو أصل تستند إليه حسبما حكي عنهم وقيل المراد به نبوة النبي صلى الله عليه وسلم هذا وقد قيل مثلت حالهم فيما ذكر بحال من يريد طمسن نور عظيم منبث في الآفاق بنفخه «ويأبى الله» أي لا يريد «إلا أن يتم نوره» بإعلاء كلمة التوحيد وإعزاز دين الإسلام وإنما صح الاستثناء المفرغ من الموجب لكونه بمعنى النفي كما أشير إليه لوقوعه في مقابلة قوله تعالى يريدون وفيه من المبالغة والدلالة على الامتناع ما ليس في نفي الإرادة أي لا يريد شيئا من الأشياء إلا إتمام نوره فيندرج في المستثنى منه بقاؤه على ما كان عليه فضلا عن الإطفاء وفي إظهار النور في مقام الإضمار مضافا إلى ضميره عز وجل زيادة اعتناء بشأنه وتشريف له على تشريف وإشعار بعلة الحكم «ولو كره الكافرون» جواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه والجملة معطوفة على جملة قبلها مقدرة وكلتاهما في موقع الحال أي لا يريد الله إلا إتمام نوره ولو لم يكره الكافرون ذلك ولو كره أي على كل حال مفروض وقد حذفت الأولى في الباب حذفا مطردا لدلالة الثانية عليها دلالة واضحة لأن الشيء إذا تحقق عند المانع فلأن يتحقق عند عدمه أولى وعلى هذا السر يدور ما في إن ولو الوصليتين من التأكيد وقد مر زيادة تحقيق لهذا مرار «هو الذي أرسل رسوله» ملتبسا «بالهدى» أي القرآن الذي هو هدى للمتقين «ودين الحق» الثابت وهو دين الإسلام «ليظهره» أي رسوله «على الدين كله» أي على أهل الأديان كلهم أو ليظهر الدين الحق على سائر الأديان بنسخه إياها حسبما تقتضيه الحكمة والجملة بيان وتقرير لمضمون الجملة السابقة والكلام في قوله عز وجل «ولو كره المشركون» كما فيما سبق خلا أن وصفهم بالشرك بعد وصفهم
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 8 - سورة الأنفال 2
2 قوله تعالى: إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون. 15
3 (الجزء العاشر) قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه و للرسول ولذي القربى واليتامى الخ 22
4 9 - سورة التوبة 39
5 قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل الخ 62
6 قوله تعالى: إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها و المؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي السبيل الله وابن السبيل. 76
7 (الجزء الحادي عشر) قوله تعالى: إنما السبيل على الذين يستأذنونك وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف. 93
8 قوله تعالى: وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة الخ. 111
9 10 - سورة يونس عليه السلام 115
10 قوله تعالى: الذين أحسنوا الحسنى وزيادة. 138
11 قوله تعالى: واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت. 164
12 11 - سورة هود عليه السلام 182
13 (الجزء الثاني عشر) قوله تعالى: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها. 186
14 قوله تعالى: وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرساها إن ربي فغفور رحيم. 209
15 قوله تعالى: وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره. 231
16 12 - سورة يوسف عليه السلام 250
17 قوله تعالى: وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي. 285
18 قوله تعالى: رب قد آتيتني من الملك و علمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض. 308