الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٢٠٣
لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهن إذا قضوا منهن وطرا قال إذا طلقوهن وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تبنى زيد بن حارثة رضي الله عنه ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل يقول كما هوى داود النبي عليه السلام المرأة التي نظر إليها فهويها فتزوجها فكذلك قضى الله لمحمد صلى الله عليه وسلم فتزوج زينب كما كان سنة الله في داود أن يزوجه تلك المرأة وكان أمر الله قدرا مقدورا في أمر زينب * وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن علي بن زيد بن جدعان قال قال لي علي بن الحسين ما يقول الحسن رضي الله عنه في قوله وتخفى في نفسك ما الله مبديه فقلت له فقال لا ولكن الله أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم ان زينب رضي الله عنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها فلما أتاه زيد يشكو إليه قال اتق الله وامسك عليك زوجك فقال قد أخبرتك أنى مزوجكها وتخفى في نفسك ما الله مبديه * وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل قال يعنى يتزوج من النساء ما شاء هذا فريضة وكان من كان من الأنبياء عليهم السلام هذا سنتهم قد كان لسليمان عليه السلام ألف امرأة وكان لداود عليه السلام مائة امرأة * وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله سنة الله في الذين خلوا من قبل قال داود والمرأة التي نكح وزوجها واسمها اليسعية فذلك سنة الله في محمد وزينب وكان أمر الله قدرا مقدورا كذلك من سنته في داود والمرأة والنبي صلى الله عليه وسلم وزينب * وأخرج البيهقي في سننه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال لا نكاح الا بولي وشهود ومهر الا ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم * وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه وابن عساكر من طريق الكميت بن يزيد الأسدي قال حدثني مذكور مولى زينب بنت جحش قالت خطبني عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه أخي يشاوره في ذلك قال فأين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها قال من قال زيد بن حارثة فغضبت وقالت تزوج بنت عمتك مولاك ثم أتتني فأخبرتني بذلك فقلت أشد من قولها وغضبت أشد من غضبها فأنزل الله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم فأرسلت إليه زوجني من شئت فزوجني منه فاخذته بلساني فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له اذن طلقها فطلقني فبت طلاقي فلما انقضت عدني لم أشعر الا والنبي صلى الله عليه وسلم وأنا مكشوفة الشعر فقلت هذا أمر من السماء دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة قال الله المزوج وجبريل الشاهد * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى رضي الله عنه في قوله وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت الآية قال بلغنا أن هذه الآية أنزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يزوجها زيد بن حارثة رضي الله عنه فكرهت ذلك تم انها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه ثم أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعد انها من أزواجه فكان يستحى أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس فيأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يمسك عليه زوجه وان يتقى الله وكان يخشى الناس ان يعيبوا عليه ان يقولوا تزوج امرأة ابنه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيدا * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم اشترى زيد بن حارثة في الجاهلية من عكاظ بحلي امرأته خديجة فاتخذه ولدا فلما بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم مكث ما شاء الله ان يمكث ثم أراد ان يزوجه زينب بنت جحش فكرهت ذلك فأنزل الله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم الآية فقيل لها ان شئت الله ورسوله وان شئت ضلالا مبينا فقالت بل الله ورسوله فزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها فمكثت ما شاء الله أن تمكث ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوما بيت زيد فرآها وهي بنت عمته فكأنها وقعت في نفسه قال عكرمة رضي الله عنه فأنزل الله وإذ تقول للذي أنعم الله عليه يعنى زيدا بالاسلام وأنعمت عليه يا محمد بالعتق أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه قفال عكرمة رضي الله عنه فكان الناس يقولون من شدة ما يرون من حب النبي صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه انه ابنه فأراد الله أمرا قال الله فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها يا محمد لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست