الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ١٥١
خيولهم بالمدائن وبنو الرومية فقمر أبو بكر فجاء به أبو بكر يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا السحت تصدق به * وأخرج الترمذي وصححه والدارقطني في الافراد والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي في شعب الايمان عن يسار بن مكرم السلمي قال لما نزلت ألم غلبت الروم الآية كانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين الروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم لانهم وإياهم أهل كتاب وفي ذلك يقول الله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله وكانت قريش تحب ظهور فارس لانهم وإياهم ليسوا أهل كتاب ولا ايمان ببعث فلما أنزل الله هذه الآية خرج أبو بكر رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة ألم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين فقال ناس من قريش لأبي بكر ذاك بيننا وبينكم يزعم صاحبك ان الروم ستغلب فارس في بعض سنين أفلا نراهنك على ذاك قال بلى وذلك قبل تحريم الرهان فارتهن أبو بكر رضي الله عنه والمشركون وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر لم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسم بيننا وبينك وسطا تنتهى إليه قال فسموا بينهم ست سنين فمضت الست قبل ان يظهروا فاخذ المشركون رهن أبى بكر رضي الله عنه فلما دخلت السنة السابعة ظهرت الروم على فارس فعاب المسلمون على أبى بكر رضي الله عنه بتسميته ست سنين قال لان الله قال في بضع سنين فأسلم عند ذلك ناس كثير * وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه لما نزلت ألم غلبت الروم ألا يغالب البضع دون العشر * وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة يقولون الروم أهل كتاب وقد غلبتهم الفرس وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي أنزل على نبيكم فسنغلبكم كما غلبت فارس الروم فأنزل الله ألم غلبت الروم قال ابن شهاب فأخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال إنه لما نزلت هاتان الآيتان قامر أبو بكر بعض المشركين قبل أن يحرم القمار على شئ ان لم تغلب الروم فارس في بضع سنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم فعلت فكل ما دون العشر بضع فكان ظهور فارس على الروم في سبع سنين ثم أظهر الله الروم على فارس زمن الحديبية ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب * وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد قال لما كان يوم بدر ظهرت الروم على فارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت ألم غلبت الروم قرأها بالنصب إلى قوله يفرح المؤمنون بنصر الله قال ففرح المؤمنون بظهور الروم على فارس قال الترمذي هكذا قرأ غلبت * وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله ألم غلبت الروم قال قد مضى كان ذلك في أهل فارس والروم وكانت فارس قد غلبتهم ثم غلبت الروم بعد ذلك والتقى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مشركي العرب والتقى الروم مع فارس فنصر الله النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من المسلمين على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على العجم قال عطية وسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك فقال التقينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشركي العرب والتقت الروم وفارس فنصرنا على مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على المجوس ففرحنا بنصر الله إيانا على المشركين وفرحنا بنصر أهل الكتاب على المجوس فذلك قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن قتادة ألم غلبت الروم في أدنى الأرض قال غلبتهم أهل فارس على أدنى أرض الشام وهم من بعد غلبهم سيغلبون قال لما أنزل الله هؤلاء الآيات صدق المسلمون ربهم وعرفوا أن الروم ستظهر على أهل فارس فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص وأجلوا بينهم خمس سنين فولى قمار المسلمين أبو بكر وولى قمار المشركين أبي بن خلف وذلك قبل أن ينهى عن القمار فجاء الاجل ولم تظهر الروم على فارس فسال المشركون قمارهم فذكر ذلك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ألم تكونوا أحقاء أن تؤجلوا أجلا دون العشر فان البضع ما بين الثلاث إلى العشر فزايدوهم ومادوهم في الاجل فأظهر الله الروم على فارس عند رأس السبع من قمارهم الأول فكان ذلك مرجعهم من الحديبية وكان مما شد الله به الاسلام فهو قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله * وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن الزبير الكلابي قال رأيت غلبة فارس
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»
الفهرست