الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٣٧٢
أنا فقال ما تعدون الحرجة فيكم قال الشئ الضيق قال هو ذاك * وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال الحرج الضيق لم يجعله ضيقا ولكنه جعله واسعا أحل لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وما ملكت يمينك وحرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير * وأخرج محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات وابن عساكر عن ابن شهاب قال سأل عبد الملك بن مروان علي بن عبد الله بن عباس عن هذه الآية وما جعل عليكم في الدين من حرج فقال علي بن عبد الله الحرج الضيق جعل الله الكفارات مخرجا من ذلك سمعت ابن عباس يقول ذلك * وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال قرأ عمر بن الخطاب هذه الآية ما جعل عليكم في الدين من حرج ثم قال ادعو إلى رجلا من بنى مدلج قال عمر ما الحرج فيكم قال الضيق * وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان قال غاب عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فلم يخرج حتى ظننا ان لن يخرج فلما خرج سجد سجدة فظننا ان نفسه قد قبضت فلما رفع رأسه قال إن ربى عز وجل استشارني في أمتي ماذا أفعل بهم فقلت ما شئت أي رب هم خلقك وعبادك فاستشارني الثانية فقلت له كذلك فقال لا أخزيك في أمتك يا محمد وبشرني ان أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفا مع كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب ثم أرسل إلى ادع تجب وسل تعط فقلت لرسوله أو معطي ربى سؤلي قال ما أرسلني إليك الا ليعطيك ولقد أعطاني ربى عز وجل ولا فخر وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر وأنا أمشى حياء وأعطاني ان لا تجوع أمتي ولا تغلب وأعطاني الكوثر فهو نهر في الجنة يسيل في حوضي وأعطاني العز والنصر والرعب يسعى بن يدي أمتي شهرا وأعطاني أنى أول الأنبياء أدخل الجنة وطيب لي ولأمتي الغنيمة وأحل لنا كثيرا ممن شدد على من قبلنا ولم يجعل علينا من حرج فلم أجد لي شكرا الا هذه السجدة * وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله وما جعل عليكم في الدين من حرج يقول لم يضيق الدين عليكم ولكن جعله واسعا لمن دخله وذلك أنه ليس مما فرض عليهم فيه الا ساق إليهم عند الاضطرار رخصة والرخصة في الدنيا فيها وسع عليهم رحمة منه إذا فرض عليهم الصلاة في المقام أربع ركعات وجعلها في السفر ركعتين وعند الخوف من العدو ركعة ثم جعل في وجهه رخصة ان يومئ ايماء ان لم يستطع السجود في أي نحو كان وجهه لمن تجاوز عن السيئات منه والخطأ وجعل في الوضوء والغسل رخصة إذا لم يجد الماء ان يتيمموا الصعيد وجعل الصيام على المقيم واجبا ورخص فيه للمريض والمسافر عدة من أيام أخر فمن لم يطق فاطعام مسكين مكان كل يوم وجعل في الحج رخصة ان لم يجد زادا أو حملانا أو حبس دونه وجعل في الجهاد رخصة ان لم يجد حملانا أو نفقة وجعل عند الجهد والاضطرار من الجوع ان رخص في الميتة والدم ولحم الخنزير قدر ما يرد نفسه لا يموت جوعا في أشباه هذا في القرآن وسعه الله على هذه الأمة ورخصة منه ساقها إليهم * قوله تعالى (ملة أبيكم إبراهيم) الآية * أخرج ابن أبي حاتم عن السدى في قوله ملة أبيكم إبراهيم قال دين أبيكم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عن ابن عباس في قوله هو سماكم المسلمين من قبل قال الله عز وجل سماكم * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله هو سماكم المسلمين قال الله عز وجل سماكم من قبل قال الكتب كلها وفى الذكر وفى هذا قال القرآن * وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله هو سماكم قال الله سماكم المسلمين من قبل وفى هذا أي في كتابكم ليكون الرسول شهيدا عليكم انه قد بلغكم وتكونوا شهداء على الناس ان رسلهم قد بلغتهم * وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سفيان في قوله هو سماكم المسلمين قال الله عز وجل من قبل قال في التوراة والإنجيل وفى هذا قال القرآن ليكون الرسول شهيدا عليكم قال بأعمالكم وتكونوا شهداء على الناس قال على الأمم بان الرسل قد بلغتهم * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال لم يذكر الله بالاسلام والايمان غير هذه الأمة ذكرت بهما جميعا ولم يسمع بأمة ذكرت بالاسلام والايمان غيرها * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله هو سماكم المسلمين قال إبراهيم ألا ترى إلى قوله ربنا واجعلنا مسلمين لك الآية كلها * وأخرج الطيالسي وأحمد والبخاري في تاريخه والترمذي وصححه والنسائي والموصلي وابن خزيمة وابن حبان والباوردي وابن قانع والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 373 » »»
الفهرست