الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٣٦٧
من قبلك من رسول ولا نبي إلى قوله حكيم * وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ومن طريق أبى بكر الهذلي وأيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه ومن طريق سليمان التيمي عمن حدثه عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم وهو بمكة فأتى هذه الآية أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى فألقى الشيطان على لسانه إنهن الغرانيق العلى فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك الآية * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق يونس عن ابن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة قرأ سورة والنجم فلما بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى قال إن شفاعتهن ترتجى وسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرح المشركون بذلك فقال الا انما كان ذلك من الشيطان فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته حتى بلغ عذاب يوم عقيم مرسل صحيح الاسناد * وأخرج ابن أبى حاتم من طريق موسى عن عقبة عن ابن شهاب قال لما أنزلت سورة النجم وكان المشركون يقولون لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه ولكن لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم فكان يتمنى كف أذاهم فلما أنزل الله سورة والنجم قال أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى ألقى الشيطان عندها كلمات حين ذكرا الطواغيت فقال وإنهن لهن الغرانيق العلى وان شفاعتهن لهي التي ترتجى فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة وذلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها وقالوا ان محمدا قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر النجم سجد وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الآيات فلما بين الله قضاءه وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم للمسلمين واشتدوا عليه وأخرجه البيهقي في الدلائل عن موسى بن عقبة ولم يذكر ابن شهاب * وأخرج الطبراني عن عروة مثله سواء * وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس قالا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناد من أندية قريش كثير أهله فتمنى يومئذ أن لا يأتيه من الله شئ فيتفرقون عنه فأنزل الله عليه والنجم إذا هوى فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان كلمتين تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجي فتكلم بها ثم مضى فقرأ السورة كلها ثم سجد في آخر السورة وسجد القوم جميعا معه ورضوا بما تكلم به فلما أمسى أتاه جبريل فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين اللتين ألقى الشيطان عليه قال ما جئتك بهاتين الكلمتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم افتريت على الله وقلت ما لم يقل فأوحى الله إليه وان كادوا ليفتنونك إلى قوله نصيرا فما زال مغموما مهموما من شأن الكلمتين حتى نزلت وما أرسلنا من قبلك الآية فسرى عنه وطابت نفسه * وأخرج ابن جرير عن الضحاك ان النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة أنزل عليه في آلهة العرب فجعل يتلوا اللات والعزى ويكثر ترديدها فسمعه أهل مكة وهو يذكر آلهتهم ففرحوا بذلك ودنوا يسمعوا فألقى الشيطان في تلاوته تلك الغرانيق العلى منها الشفاعة ترتجى فقرأها النبي صلى الله عليه وسلم كذلك فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك إلى قوله حكيم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية قال قال المشركون لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو ذكرت آلهتنا في قولك قعدنا معك فإنه ليس معك الا أراذل الناس وضعفاؤهم فكانوا إذا رأونا عندك تحدث الناس بذلك فأتوك فقام يصلى فقرأ والنجم حتى بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلى وشفاعتهن ترتضي ومثلهن لا ينسى فلما فرغ من ختم السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون فبلغ الحبشة ان الناس قد أسلموا فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك إلى قوله عذاب يوم عقيم * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال نزلت سورة النجم بمكة فقالت قريش يا محمد انه يجالسك الفقراء والمساكين
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»
الفهرست