الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٨٦
* قوله تعالى (وإذا قرأت القرآن) * أخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت لما نزلت تبت يدا أبى لهب أقبلت العوراء أم جميل ولها ولولة وفى يدها فهر وهي تقول مذمما أبينا * ودينه قلينا * وأمره عصينا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس وأبو بكر رضي الله عنه إلى جنبه فقال أبو بكر لقد أقبلت هذه وانا أخاف ان تراك فقال إنها لن تراني وقرأ قرآنا اعتصم به كما قال تعالى وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا فجاءت حتى قامت على أبى بكر رضي الله عنه فلم تر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا أبا بكر بلغني ان صاحبك هجاني فقال أبو بكر رضي الله عنه لا ورب هذا البيت ما هجاك فانصرفت وهي تقول قد علمت قريش أنى بنت سيدها * واخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل من وجه آخر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ان أم جميل دخلت على أبى بكر وعنده رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا ابن أبي قحافة ما شأن صاحبك ينشد في الشعر فقال والله ما صاحبي بشاعر وما يدرى ما الشعر فقالت أليس قد قال في جيدها حبل من مسد فما يدريه ما في جيدي فقال النبي صلى الله عليه وسلم قل لها هل ترين عندي أحدا فإنها لن تراني جعل بيني وبينها حجاب فقال لها أبو بكر رضي الله عنه فقالت أتهزأ بي والله ما أرى عندك أحدا * وأخرج ابن مردويه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال كنت جالسا عند المقام ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل الكعبة بين يديه إذ جاءت أم جميل بنت حرب بن أمية زوجة أبى لهب ومعها فهران فقالت أين الذي هجاني وهجا زوجي والله لئن رأيته لأرضن أنثييه بهذين الفهرين وذلك عند نزول تبت يدا أبى لهب قال أبو بكر رضي الله عنه فقلت لها يا أم جميل ما هجاك ولا هجا زوجك قالت والله ما أنت بكذاب وان الناس ليقولون ذلك ثم ولت ذاهبة فقلت يا رسول الله انها لم ترك فقال النبي صلى الله عليه وسلم حال بيني وبينها جبريل * وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني في الافراد وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما نزلت تبت يدا أبى لهب جاءت امرأة أبى لهب فقال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله لو تنحيت عنها فإنها امرأة بذية فقال إنه سيحال بيني وبينها فلم ترني فقالت يا أبا بكر هجانا صاحبك قال والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله فقالت انك لمصدق فاندفعت راجعة فقال أبو بكر رضي الله عنه يا رسول الله ما رأتك قال كان بيني وبينها ملك يسترني بجناحه حتى ذهبت * وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا القرآن على مشركي قريش ودعاهم إلى الله قالوا يهزؤون به قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفى آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فأنزل الله في ذلك من قولهم وإذا قرأت القرآن الآيات * وأخرج ابن عساكر وولده القاسم في كتاب آيات الحرز عن العباس بن محمد المنقري رضي الله عنه قال قدم حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه المدينة حاجا فاحتجنا إلى أن نوجه رسولا وكان في الخوف فأبى الرسول ان يخرج وخاف على نفسه من الطريق فقال الحسين رضي الله عنه انا أكتب لك رقعة فيها حرز لن يضرك شئ إن شاء الله تعالى فكتب له رقعة وجعلها الرسول في صورته فذهب الرسول فلم يلبث ان جاء سالما فقال مررت بالأعراب يمينا وشمالا فما هيجني منهم أحد والحرز عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب وان هذا الحرز كان الأنبياء يتحرزون به من الفراعنة بسم الله الرحمن الرحيم قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون انى أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا أخذت بسمع الله وبصره وقوته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم يا معشر الجن والإنس والشياطين والاعراب والسباع والهوام واللصوص مما يخاف ويحذر فلان بن فلان سترت بينه وبينكم بستر النبوة التي استتروا بها من سطوات الفراعنة جبريل عن ايمانكم وميكائيل عن شمائلكم ومحمد صلى الله عليه وسلم أمامكم والله سبحانه وتعالى من فوقكم يمنعكم من فلان بن فلان في نفسه وولده وأهله وشعره وبشره وماله وما عليه وما معه وما تحته وما فوقه وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة إلى قوله نفورا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا قال الحجاب المستور أكنه على قلوبهم أن
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»
الفهرست