الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٨٥
تربة من تربتك أو صخرة من صخرك قال أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينادى طلبه ارجع من حيث جئت فإنه ليس منى شئ الا بارز ينظر الله عز وجل إليه قد أحصاه وعده عدا فلست أستطيع ذلك ثم انطلق حتى أتى الجبل فقال أيها الجبل اجعلني حجرا من حجارتك أو تربة من تربتك أو صخرة من صخرك أو شيئا في جوفك فقال أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينادى طلبه انه ليس منى شئ الا يراه الله وينظر إليه قد أحصاه وعده عدا فلست أستطيع ذلك ثم انطلق حتى أتى على الأرض يعنى الرمل فقال أيها الرمل اجعلني تربة من تربك أو صخرة من صخرك أو شيئا مما في جوفك فأوحى الله إليه أجبه فقال أيها العبد الفار من الطالب الذي لا ينادى طلبه ارجع من حيث جئت فاجعل عملك لقسمين لرغبة أو لرهبة فعلى أيهما أخذك ربك لم تبال وخرج فأتى البحر في ساعة فصلى فيه فنادته ضفدعة فقالت يا داود انك حدثت نفسك انك قد سبحت في ساعة يذكر الله فيها غيرك وإني في سبعين ألف ضفدعة كلها قائمة على رجل تسبح الله تعالى وتقدسه * وأخرج أحمد وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى داود عليه السلام ليلة حتى أصبح فلما ان أصبح وجد في نفسه مسرورا فنادته ضفدعة يا داود كنت أدأب منك قد أغفيت اغفاء * وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال بلغني انه ليس شئ أكثر تسبيحا من هذه الدودة الحمراء * وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال التراب يسبح فإذا بنى به الحائط سبح * وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال إذا سمعت تغيضا من البيت أو من الخشب والجدر فهو تسبيح * وأخرج أبو الشيخ عن خيثمة رضي الله عنه قال كان أبو الدرداء يطبخ قدرا فوقعت على وجهها فجعلت تسبح * وأخرج أبو الشيخ عن سليمان بن المغيرة قال كان مطرف رضي الله عنه إذا دخل بيته فسبح سبحت معه آنية بيته * وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال لولا ما غمى عليكم من تسبيح ما معكم في البيوت ما تقاررتم * وأخرج أبو الشيخ عن مسعر رضي الله عنه قال لولا ما غمى الله عليكم من تسبيح خلقه ما تقاررتم * وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله وان من شئ الا يسبح بحمده قال كل شئ فيه الروح يسبح * وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه وان من شئ الا يسبح بحمده قال صلاة الخلق وتسبيحهم سبحان الله وبحمده * وأخرج النسائي وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويفا بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس معنا ماء فقال لنا اطلبوا من معه فضل ماء فأتى بماء فوضعه في اناء ثم وضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه قال حي على الطهور المبارك والبركة من الله فشربنا منه قال عبد الله كنا نسمع صوت الماء وتسبيحه وهو يشرب * وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن مسعود قال كنا نأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم فنسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل * وأخرج أبو الشيخ عن أنس قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام ثريد فقال إن هذا الطعام يسبح قالوا يا رسول الله وتفقه تسبيحه قال نعم ثم قال الرجل ادن هذه القصعة من هذا الرجل فأدناها منه فقال نعم يا رسول الله هذا الطعام يسبح فقال ادنها من آخر وأدناها منه فقال هذا الطعام يسبح ثم قال ردها فقال رجل يا رسول الله لو أمرت على القوم جميعا فقال لا انها لو سكتت عند رجل لقالوا من ذنب ردها فردها * وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن أبي حمزة الثمالي قال قال محمد بن علي بن الحسين رضي الله عنه وسمع عصافير يصحن قال تدرى ما يقلن قلت لا قال يسبحن ربهن عز وجل ويسألن قوت يومهن * وأخرج الخطيب عن أبي حمزة قال كنا مع علي بن الحسين رضي الله عنه فمر بنا عصافير يصحن فقال أتدرون ما تقول هذه العصافير فقلنا لا قال اما انى ما أقول انا نعلم الغيب ولكني سمعت أبي يقول سمعت علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها وسألته قوت يومها وان هذه تسبح ربها وتسأله قوت يومها * وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا عائشة اغسلي هذين البردين فقلت يا رسول الله بالأمس غسلتهما فقال لي أما علمت أن الثوب يسبح فإذا اتسخ انقطع تسبيحه * قوله تعالى (انه كان حليما غفورا) * أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله انه كان حليما غفورا قال حليما عن خلقه فلا يعجل كعجلة بعضهم على بعض غفورا لهم إذا تابوا
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست