الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٨٩
الخطائين ولم يجالس البطالين ويستقيم على عبادة ربه عز وجل فمثله كمثل شجرة نابتة على ساقية لا يزال فيها الماء يفضل ثمرها في زمان الثمار ولا تزال خضراء في غير زمان الثمار * وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال قرأت في بعض زبور داود عليه السلام تساقطت القرى وأبطل ذكرهم وأنا دائم الدهر مقعد كرسي للقضاء وأخرج أحمد عن وهب رضي الله عنه قال وجدت في كتاب داود عليه السلام ان الله تبارك وتعالى يقول بعزتي وجلالي انه من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وما ترددت عن شئ أريد ترددي عن موت المؤمن قد علمت أنه يكره الموت ولابد له منه وأنا أكره ان أسوءه قال وقرأت في كتاب آخر ان الله تبارك وتعالى يقول كفاني لعبدي مالا إذا كان عبدي في طاعتي أعطيته قبل ان يسألني واستجبت له من قبل ان يدعوني فاني أعلم بحاجته التي ترفق به من نفسه قال وقرأت في كتاب آخر ان الله عز وجل يقول بعزتي انه من اعتصم بي وان كادته السماوات بمن فيهن والأرضون بمن فيهن فاني أجعل له من بين ذلك مخرجا ومن لم يعتصم بي فاني أقطع يديه من أسباب السماء وأخسف به من تحت قدميه الأرض فاجعله في الهواء ثم أكله إلى نفسه * وأخرج أحمد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال في حكمة آل داود وحق على العاقل ان لا يشتغل عن أربع ساعات ساعة يناجى ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يفضي فيها إلى اخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه وساعة يخلى بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل فان هذه الساعات عون على هذه الساعات واجماع للقلوب وحق على العاقل ان يكون عارفا بزمانه حافظا للسانه مقبلا عن شأنه وحق على العاقل ان لا يظعن الا في إحدى ثلاثا زاد لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم * وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خالد الربعي رضي الله عنه قال وجدت فاتحة الزبور الذي يقال له زبور داود عليه السلام ان رأس الحكمة خشية الله تعالى * وأخرج أحمد عن أيوب الفلسطيني رضي الله عنه قال مكتوب في مزامير داود عليه السلام أتدري لمن أغفر له قال لمن يا رب قال للذي إذا أذنب ذنبا ارتعدت لذلك مفاصله فذلك الذي آمر ملائكتي ان لا يكتبوا عليه ذلك الذنب * وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال مكتوب في الزبور بطلت الأمانة والرجل مع صاحبه بشفتين مختلفتين يهلك الله عز وجل كل ذي شفتين مختلفتين قال ومكتوب في الزبور بنار المنافق تحترق المدينة * وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال مكتوب في الزبور وهو أول الزبور طوبى لمن لم يسلك سبيل الآثمة ولم يجالس الخطائين ولم يفئ في هم المستهزئين ولكن همه سنة الله عز وجل وإياها يتعلم بالليل والنهار مثله مثل شجرة تنبت على شط تؤتى ثمرتها في حينها ولا يتناثر من ورقها شئ وكل عمله بأمري ليس ذلك مثل عمل المنافقين * وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال قرأت في الزبور بكبر المنافق يحترق المسكين * وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال قرأت في آخر زبور داود عليه الصلاة والسلام ثلاثين سطرا يا داود هل تدرى أي المؤمنين أحب إلى أن أطيل حياته الذي إذا قال لا إله إلا الله اقشعر جلده وإني أكره لذلك الموت كما تكره الوالدة لولدها ولابد له منه انى أريد ان أسره في دار سوى هذه الدار فان نعيمها بلاء ورخاءها شدة فيها عد ولا يألوهم خبالا يجرى منهم مجرى الدم من أجل ذلك عجلت أوليائي إلى الجنة * وأخرج ابن أبي شيبة عن مالك بن مغول قال في زبور داود مكتوب انى أنا الله لا إله الا أنا ملك الملوك قلوب الملوك بيدي فأيما قوم كانوا على طاعة جعلت الملوك عليهم رحمة وأيما قوم كانوا على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة لا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ولا تتوبوا إليهم توبوا إلى أعطف قلوبهم عليكم * قوله تعالى (قل ادعوا الذين زعمتم من دونه) الآيتين * أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا قال كان نفر من الانس يعبدون نفرا من الجن فأسلم النفر من الجن وتمسك الإنسيون بعبادتهم فأنزل الله أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة كلاهما بالياء * وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال نزلت هذه الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن فأسلم الجنيون والنفر من العرب لا يشعرون ذلك * وأخرج ابن جرير عن ابن
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»
الفهرست