الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٤٤
المؤمن معه من الله بينة بها يعمل وبها يأخذ وإليها ينتهى وهو كتاب الله كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها قال مثل الكافر في ضلالته متحير فيها متسكع فيها لا يجد منها مخرجا ولا منفذا * وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس وجعلنا له نورا يمشى به في الناس قال القرآن * قوله تعالى (وكذلك جعلنا في كل قرية) الآية * أخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها قال نزلت في المستهزئين * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها قال سلطنا أشرارها فعصوا فيها فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله أكابر مجرميها قال عظماؤها * قوله تعالى (وإذا جائتهم آية قالوا لن نؤمن) * أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن جريج وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل أوتى رسل الله وذلك انهم قالوا لمحمد صلى الله عليه وسلم حين دعاهم إلى ما دعاهم إليه من الحق لو كان هذا حقا لكان فينا من هو أحق أن يأتي به من محمد وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم * قوله تعالى (الله أعلم حيث يجعل رسالاته) * أخرج أحمد عن ابن مسعود قال إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوه سيأ فهو عند الله سيئ * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي حسن قال أبصر رجل ابن عباس وهو يدخل من باب المسجد فلما نظر إليه راعه فقال من هذا قالوا ابن عباس ابن عم رسول الله قال الله أعلم حيث يجعل رسالاته * قوله تعالى (سيصيب) الآية * أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله سيصيب الذين أجرموا قال أشركوا صغار قال هوان * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى في قوله صغار قال ذلة * وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله بما كانوا يمكرون قال بدين الله ونبيه وعباده المؤمنين * قوله تعالى (فمن يرد الله ان يهديه) الآية * أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي جعفر المدائني رجل من بنى هاشم وليس هو محمد بن علي قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي المؤمنين أكيس قال أكثرهم ذكرا للموت وأحسنهم لما بعده استعدادا قال وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام قالوا كيف يشرح صدره يا رسول الله قال نور يقذف فيه فينشرح له وينفسح له قالوا فهل لذلك من أمارة يعرف بها قال الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل لقاء الموت * وأخرج عبد بن حميد عن الفضيل ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت قول الله من يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام فكيف الشرح قال إذا أراد الله بعبد خيرا قذف في قلبه النور فانفسح لذلك صدره فقال يا رسول الله هل لذلك من آية يعرف بها قال نعم قال فما آية ذلك قال التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود وحسن الاستعداد للموت قبل نزول الموت * وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذكر الموت عن الحسن قال لما نزلت هذه الآية فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل لهذه الآية علم تعرف به قال نعم الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل ان ينزل * وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام قال إذا أدخل الله النور القلب انشرح وانفسح قالوا فهل لذلك من آية يعرف بها قال الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت * وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال قال رجل يا رسول الله أي المؤمنين أكيس قال أكثرهم للموت ذكرا وأحسنهم له استعدادا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام قلت وكيف يشرح صدره للاسلام قال هو نور يقذف فيه ان النور إذا وقع في القلب انشرح له الصدر وانفسح قالوا يا رسول الله هل لذلك من علامة يعرف بها قال نعم الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل الموت ثم
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست