الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٩
ولا يلتفت منكم أحد الا امرأتك إلى قوله أليس الصيح بقريب فخرج عليهم جبريل عليه السلام فضرب وجوههم بجناحه ضربة فطمس أعينهم والطمس ذهاب الأعين ثم احتمل جبريل وجه أرضهم حتى سمع أهل سماء الدنيا نباح كلابهم وأصوات ديوكهم ثم قلبها عليهم وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل قال على أهل بواديهم وعلى رعاتهم وعلى مسافرهم فلم يبق منهم أحد * وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما رأى إبراهيم انه لا تصل إلى العجل أيديهم نكرهم وخافهم وانما كان خوف إبراهيم انهم كانوا في ذلك الزمان إذا هم أحدهم بأمر سوء لم يأكل عنده يقول إذا أكرمت بطعامه حرم على أداه فخاف إبراهيم ان يريدوا به سوأ فاضطربت مفاصله وامرأته سارة قائمة تخدمهم وكان إذا أراد ان يكرم أضيافه أقام سارة لتخدمهم فضحكت سارة وانما ضحكت انها قالت يا إبراهيم وما تخاف انهم ثلاث نفر وأنت وأهلك وغلمانك قال لها جبريل أيها الضاحكة أما انك ستلدين غلاما يقال له إسحاق ومن ورائه غلام يقال له يعقوب فأقبلت في صرة فصكت وجهها فأقبلت والهة تقول وا ويلتاه ووضعت يدها على وجهها استحياء فذلك قوله فصكت وجهها وقالت أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا قال لما بشر إبراهيم بقول الله فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى بإسحاق يجادلنا في قوم لوط وانما كان جداله انه قال يا جبريل أين تريدون والى من بعثتم قال إلى قوم لوط وقد أمرنا بعذابهم فقال إبراهيم ان فيها لوط قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته وكانت فيما زعموا تسمى والقة فقال إبراهيم ان كان فيهم مائة مؤمن تعذبونهم قال جبريل لا قال فان كان فيهم تسعون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل لا قال فان كان فيهم ثمانون مؤمنون تعذبونهم قال جبريل لا حتى انتهى في العدد إلى واحد مؤمن قال جبريل لا فلما لم يذكروا لإبراهيم ان فيها مؤمنا واحدا قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله الا امرأته * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه ان إبراهيم عليه السلام حين أخرجه قومه بعد ما ألقوه في النار خرج بامرأته سارة ومعه أخوها لوط وهما ابنا أخيه فتوجها إلى أرض الشام ثم بلغوا مصر وكانت سارة رضي الله عنها من أجمل الناس فلما دخلت مصر تحدث الناس بجمالها وعجبوا له حتى بلغ ذلك الملك فدعا ببعلها وسأله ما هو منها فخاف ان قال له زوجها أن يقتله فقال أنا أخوها فقال زوجنيها فكان على ذلك حتى بات ليلة فجاءه حلم فخنقه وخوفه فكان هو وأهله في خوف وهول حتى علم أنه قد أتى من قبلها فدعا إبراهيم فقال ما حملك على أن تغرني زعمت أنها أختك فقال انى خفت ان ذكرت انها زوجتي أن يصيبني منك ما أكره ومعايشهم فكان بين رعاء إبراهيم ورعاء لوط جوار وقتال فقال لوطا لإبراهيم ان هؤلاء الرعاء قد فسد ما بينهم وكادت تضيق فيهم المراعى ونخاف أن لا تحملنا هذه الأرض فان أحببت أن أخف عنك حففت قال إبراهيم ما شئت ان شئت فانتقل منها وان شئت انتقلت منك قال لوط عليه السلام لا بل أنا أحق ان أخف عنك ففر باهله وماله إلى سهل الأردن فكان بها حتى أغار عليه أهل فلسطين فسبوا أهله وماله فبلغ ذلك إبراهيم عليه السلام فأغار عليهم بما كان عنده من أهله ورقيقه وكان عدده زيادة على ثلاثمائة من كان مع إبراهيم فاستنقذ من أهل فلسطين من كان معهم من أهل لوط حتى ردهم إلى قرارهم ثم انصرف إبراهيم إلى مكانه وكان أهل سدوم الذين فيهم لوط قوم قد استغنوا عن النساء بالرجال فلما رأى الله كان عند ذلك بعث الملائكة ليعذبوهم فاتوا إبراهيم فلما رآهم راعه هيئتهم وجمالهم فسلموا عليه وجلسوا إليه فقام ليقرب إليهم قرى فقالوا مكانك قال بل دعوني آتيكم بما ينبغي لكم فان لكم حقا لم يأتنا أحد أحق بالكرامة منكم فامر بعجل سمين فحنذ له يعنى سوى له فقرب إليهم الطعام فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس منهم خيفة وسارة رضي الله عنها وراء الباب تسمع قالوا لا تخف انا نبشرك بغلام حليم مبارك فبشر به امرأته سارة فضحكت وعجبت كيف يكون له منى ولد وأنا عجوز وهذا شيخ كبير قالوا أتعجبين من أمر الله فإنه قادر على ما يشاء وقد وهبه الله لكم فابشروا به فقاموا وقام معهم إبراهيم عليه السلام فمشوا معا وسألهم قال أخبروني لم بعثتم وما دخل بكم قالوا انا أرسلنا إلى أهل سدوم لندمرها فإنهم قوم سوء قد استغنوا بالرجال عن النساء قال إبراهيم ان فيها قوما صالحين
(٣٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 344 ... » »»
الفهرست