الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٢٠٤
مجاهد رضي الله عنه في قوله لولا كتاب من الله سبق قال في أنه لا يعذب أحدا حتى يبين له ويتقدم إليه * وأخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والبيهقي في الدلائل وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الأنبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب وأحلت لي الغنائم وجعلت لي الأرض طهورا ومسجدا وأرسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون * وأخرج أحمد وابن المنذر عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي بعثت إلى الأحمر والأسود وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلي ونصرت بالرعب فيرعب العدو وهو منى مسيرة شهر وقال لي سل تعطه فاختبأت دعوتي شفاعة لامتي وهي نائلة منكم إن شاء الله من لقى الله لا يشرك به شيئا وأحلت لامتي الغنائم * وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم تكن الغنائم تحل لأحد كان قبلنا فطيبها الله لنا لما علم الله من ضعفنا فأنزل الله فيما سبق من كتابه احلال الغنائم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فقالوا والله يا رسول الله لا نأخذ لهم قليلا ولا كثيرا حتى نعلم أحلال هو أم حرام فطيبه الله لهم فأنزل الله تعالى فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله ان الله غفور رحيم فلما أحل الله لهم فداهم وأموالهم قال الأسارى مالنا عند الله من خير قد قتلنا وأسرنا فأنزل الله يبشرهم يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الأسارى إلى قوله والله عليم حكيم * وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال كانت الغنائم قبل ان يبعث النبي صلى الله عليه وسلم في الأمم إذا أصابوا منه جعلوه في القربان وحرم الله عليهم ان يأكلوا منها قليلا أو كثيرا حرم ذلك على كل نبي وعلى أمته فكانوا لا يأكلون منه ولا يغلون منه ولا يأخذون منه قليلا ولا كثيرا الا عذبهم الله عليه وكان الله حرمه عليهم تحريما شديدا فلم يحله لنبي الا لمحمد صلى الله عليه وسلم قد كان سبق من الله في قضائه ان المغنم له ولامته حلال فذلك قوله يوم بدر في أخذه الفداء من الأسارى لولا كتاب من الله سبق لمسكم عذاب عظيم * وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عباس رضي الله عنهما لما رغبوا في الفداء أنزلت ما كان لنبي إلى قوله لولا كتاب من الله سبق الآية قال سبق من الله رحمته لمن شهد بدرا فتجاوز الله عنهم وأحلها لهم * قوله تعالى (يا أيها النبي قل لمن في أيديكم) الآية * أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينت بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلادة لها في فداء زوجها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق رقة شديدة وقال إن رأيتم ان تطلقوا لها أسيرها وقال العباس رضي الله عنه انى كنت مسلما يا رسول الله قال الله أعلم بإسلامك فان تكن كما تقول فالله يجزيك فافد نفسك وابني أخويك نوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب وحليفك عتبة بن عمر وقال ما ذاك عندي يا رسول الله قال فأين الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلت لها ان أصبت فان هذا المال لبني فقال والله يا رسول الله ان هذا لشئ ما عمله غير وغيرها فاحسب لي ما أصبتم منى عشرين أوقية من مال كان معي فقال افعل ففدى نفسه وابني أخويه وحليفه ونزلت قل لمن في أيديكم من الأسارى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم فأعطاني مكان العشرين أوقية في الاسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال نصرت به مع ما أرجو من مغفرة الله * وأخرج ابن سعد والحاكم وصححه عن أبي موسى ان العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أكثر منه فنثر على حصير وجاء الناس فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم وما كان يومئذ عدد ولا وزن فجاء العباس فقال يا رسول الله انى أعطيت فدائي وفداء عقيل يوم بدر اعطني من هذا المال فقال خذ فحثى في قميصه ثم ذهب ينصرف فلم يستطع فرفع رأسه وقال يا رسول الله ارفع على فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول أما أخذ ما وعد الله فقد نجز ولا أدرى الأخرى قل لمن في أيديكم من الأسارى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر لكم هذا خير مما أخذ منى ولا أدرى ما يصنع في المغفرة * وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أسر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سبعين من قريش منهم العباس وعقيل فجعل عليهم الفداء أربعين أوقية من ذهب وجعل على العباس مائة
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 ... » »»
الفهرست