العرش العظيم يا رب * وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن معاوية بن قرة قال سألت بنو إسرائيل عيسى فقالوا ان سام بن نوح دفن ههنا قريبا فادع الله أن يبعثه لنا فهتف فخرج أشمط قالوا انه قد مات وهو شاب فما هذا البياض قال ظننت أنها الصيحة ففزعت * وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال كانت اليهود يجتمعون إلى عيسى ويستهزؤن به ويقولون له يا عيسى ما أكل فلان البارحة وما ادخر في بيته لغد فيخبرهم فيسخرون منه حتى طال ذلك به وبهم وكان عيسى عليه السلام ليس له قرار ولا موضع يعرف انما هو سائح في الأرض فمر ذات يوم بامرأة قاعدة عند قبر وهي تبكي فسألها فقالت ماتت ابنة لي لم يكن لي ولد غيرها فصلى عيسى ركعتين ثم نادى يا فلانة قومي باذن الرحمن فاخرجي فتحرك القبر ثم نادى الثانية فانصدع القير ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب فقالت يا أماه ما حملك على أن أذوق كرب الموت مرتين يا أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في الدنيا يا روح الله سل ربى ان يردني إلى الآخرة وان يهون على كرب الموت فدعا ربه فقبضها إليه فاستوت عليها الأرض فبلغ ذلك اليهود فازدادوا عليه غضبا وكان ملك منهم في ناحية في مدينة يقال لها نصيبين جبارا عاتيا وأمر عيسى بالمسير إليه ليدعوه وأهل تلك المدينة إلى المراجعة فمضى حتى شارف المدينة ومعه الحواريون فقال لأصحابه ألا رجل منكم ينطلق إلى المدينة فينادى فيها فيقول ان عيسى عبد الله ورسوله فقام رجل من الحواريين يقال له يعقوب فقال أنا يا روح الله قال فاذهب فأنت أول من يتبرأ منى فقام آخر يقال له توصار وقال له أنا معه قال وأنت معه ومشيا فقام شمعون فقال يا روح الله أكون ثالثهم فائذن لي ان أنال منك ان اضطررت إلى ذلك قال نعم فانطلقوا حتى إذا كانوا قريبا من المدينة قال لهما شمعون ادخلا المدينة فبلغا ما أمرتما وأنا مقيم مكاني فان ابتليتما أقبلت لكما فانطلقا حتى دخلا المدينة وقد تحدث الناس بأمر عيسى وهم يقولون فيه أقبح القول وفى أمه فنادى أحدهما وهو الأولى الا ان عيسى عبد الله ورسوله فوثبوا إليهما من القائل ان عيسى عبد الله ورسوله فتبرأ الذي نادى فقال ما قلت شيئا فقال الآخر قد قلت وأنا أقول ان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا به يا معشر بني إسرائيل خيرا لكم فانطلقوا به إلى ملكهم وكان جبارا طاغيا فقال له ويلك ما تقول قال أقول ان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه قال كذبت فقذفوا عيسى وأمه بالبهتان ثم قال له تبرأ ويلك من عيسى وقل فيه مقالتنا قال لا أفعل قال إن لم تفعل قطعت يديك ورجليك وسمرت عينيك فقال افعل بنا ما أنت فاعل ففعل به ذلك فألقاه على مزبلة في وسط مدينتهم ثم إن الملك هم أن يقطع لسانه إذ دخل شمعون وقد اجتمع الناس فقال لهم ما بال هذا المسكين قالوا يزعم أن عيسى عبد الله ورسوله فقال شمعون أيها الملك أتأذن لي فأدنو منه فاسأله قال نعم قال له شمعون أيها المبتلى ما تقول قال أقول ان عيسى عبد الله ورسوله قال فما آية تعرفه قال يبرئ الأكمه والأبرص والسقيم قال هذا يفعله الأطباء فهل غيره قال نعم يخبركم بما تأكلون وما تدخرون قال هذا تفعله الكهنة فهل غير هذا قال نعم يخلق من الطين كهيئة الطير قال هذا قد تفعله السحرة يكون أخذه منهم فجعل الملك يتعجب منه وسؤاله قال هل غير هذا قال نعم يحيى الموتى قال أيها الملك انه ذكر أمرا عظيما وما أظن خلقا يقدر على ذلك الا بإذن الله ولا يقضى الله ذلك على يد ساحر كذاب فان لم يكن عيسى رسولا فلا يقدر على ذلك وما فعل الله ذلك لا حد الا لإبراهيم حين سأل ربه أرني كيف تحيى الموتى ومن مثل إبراهيم خليل الرحمن * وأخرج ابن جرير عن السدى وابن عساكر من طريق السدى عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس قال لما بعث الله عيسى عليه السلام وأمره بالدعوة لقيه بنو إسرائيل فأخرجوه فخرج هو وأمه يسيحون في الأرض فنزلوا في قرية على رجل فأضافهم وأحسن إليهم وكان لتلك المدينة ملك جبار فجاء ذلك الرجل يوما حزينا فدخل منزله ومريم عند امرأته فقالت لها ما شأن زوجك أراه حزينا قالت إن لنا ملكا يجعل على كل رجل منا لو ما يطعمه هو وجنوده ويسقيهم الخمر فان لم يفعل عاقبه وانه قد بلغت نوبته اليوم وليس عندنا سعة قالت قولي له فلا يهتم فإني آمرا بنى فيد عوله فيكفي ذلك قالت مريم لعيسى في ذلك فقال عيسى يا أمه انى ان فعلت كان في ذلك شر قالت لا تبال فإنه قد أحسن إلينا وأكرمنا قال عيسى قوله له املأ قدورك وخوابيك ماء فملأهن فدعا الله تعالى فتحول ما في القدور لحما ومرقا وخبز وما في
(٣٣)