الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٩
* وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد قال قال عيسى عليه السلام اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم انظروا إلى هذا الطير يغدو ويروح لا يحرث ولا يحصد الله تعالى يرزقها فان قلتم نحن أعظم بطونا من الطير فانظروا إلى هذه الأباقر من الوحش والحمر تغدو وتروح لا تحرث ولا تحصد الله تعالى يرزقها اتقوا فضول الدنيا فان فضول الدنيا عند الله رجز * وأخرج أحمد عن وهب قال إن إبليس قال لعيسى زعمت أنك تحيى الموتى فان كنت كذلك فادع الله ان يرد هذا الجبل خبزا فقال له عيسى أوكل الناس يعيشون بالخبز قال فان كنت كما تقول فثب من هذا المكان فان الملائكة سنلقاك قال إن ربى أمرني ان لا أجرب نفسي فلا أدرى هل يسلمني أم لا * وأخرج أحمد عن سالم بن أبي الجعد ان عيسى بن مريم كان يقول للسائل حق وان أتاك على فرس مطوق بالفضة * وأخرج عن بعضهم قال أوحى الله إلى عيسى ان لم تطب نفسك ان تصفك الناس بالزاهد في لم أكتبك عندي راهبا فما يضرك إذا بغضك الناس وأنا عنك راض وما ينفعك حب الناس وأنا عليك ساخط * وأخرج أحمد عن الحضرمي وابن أبي الدنيا وابن عساكر عن فضيل بن عياض قالا قيل لعيسى بن مريم بأي شئ تمشى على الماء قال بالايمان واليقين قالوا فانا آمنا كما آمنت وأيقنا كما أيقنت قال فامشوا اذن فمشوا معه فجاء الموج فغرقوا فقال لهم عيسى مالكم قالوا خفنا الموج قال الا خفتم رب الموج فأخرجهم ثم ضرب بيده إلى الأرض فقبض بها ثم بسطها فإذا في إحدى يديه ذهب وفى الأخرى مدر فقال أيهما أحلى في قلوبكم قالوا الذهب قال فإنهما عندي سواء * وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد وابن عساكر عن الشعبي قال كان عيسى بن مريم إذا ذكر عنده الساعة صاح ويقول لا ينبغي لابن مريم ان تذكر عنده الساعة فيسكت * وأخرج أحمد وابن عساكر عن مجاهد قال كان عيسى عليه السلام يلبس الشعر ويأكل الشجر ولا يخبأ اليوم لغد ويبيت حيث أواه الليل لم يكن له ولد فيموت ولا بيت فيخرب * وأخرج ابن عساكر عن الحسن ان عيسى رأس الزاهدين يوم القيامة وان الفرارين بدينهم يحشرون يوم القيامة مع عيسى بن مريم وان عيسى مر به إبليس يوما وهو متوسد حجرا وقد وجد لذه النوم فقال له إبليس يا عيسى أليس تزعم انك لا تريد شيئا عن عرض الدنيا فهذا الحجر من عرض الدنيا فقام عيسى فاخذ الحجر فرمى به وقال هذا لك مع الدنيا * وأخرج ابن عساكر عن كعب ان عيسى كان يأكل الشعير ويمشي على رجليه ولا يركب الدواب ولا يسكن البيوت ولا يستصبح بالسراج ولا يلبس القطن ولا يمس النساء ولم يمس الطيب ولم يمزج شرابه بشئ قط ولم يبرده ولم يدهن رأسه قط ولم يقرب رأسه ولحيته غسول قط ولم يجعل بين الأرض وبين جلده شيئا قط الا لباسه ولم يهتم لغداء قط ولا لعشاء قط ولا يشتهى شيئا من شهوات الدنيا وكان يجالس الضعفاء والزمني والمساكين وكان إذا قرب إليه الطعام على شئ وضعه على الأرض ولم يأكل مع الطعام أداما قط وكان يجتزى من الدنيا بالقوت القليل ويقول هذا لمن يموت ويحاسب عليه كثير * وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال بلغني انه قيل لعيسى بن مريم تزوج قال وما أصنع بالتزوج قالوا تلد لك الأولاد قال الأولاد ان عاشوا أفتنوا وان ماتوا أحزنوا * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن شعيب بن إسحاق قال قيل لعيسى لو اتخذت بيتا قال يكفينا خلقان من كان قبلنا * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ميسرة قال قيل لعيسى ألا تبني لك بيتا قال لا أترك بعدي شيئا من الدنيا أذكر به * وأخرج ابن عساكر عن أبي سليمان قال بينا عيسى يمشى في يوم صائف وقدسه الحر والعطاش فجلس في ظل خيمة فخرج إليه صاحب الخيمة فقال يا عبد الله قم من ظلنا فقام عيسى عليه السلام فجلس في الشمس وقال ليس أنت الذي أقمتني انما أقامني الذي لم يرد ان أصيب من الدنيا شيئا * وأخرج أحمد عن سفيان بن عيينة قال كان عيسى ويحيى عليهما السلام يأتيان القرية فيسأل عيسى عليه السلام عن شرارا أهلها ويسأل يحيى عليه السلام عن خيار أهلها فقال لم تنزل على شرار الناس قال انما أنا طيب أداوى المرضى * وأخرج أحمد عن هشام الدستوائي قال بلغني أن في حكمة عيسى بن مريم عليه السلام تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها الا بالعمل ويحكم علماء السوء الاجر تأخذون والعمل تضيعون توشكون أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه والله عز وجل ينهاكم عن المعاصي كما أمركم بالصوم والصلاة كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من آخرته وهو في
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة