الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٣٠١
ستدور فحيث ما دار القرآن فدورا به يوشك السلطان والقرآن أن يقتتلا ويتفرقا انه سيكون عليكم ملوك يحكمون لكم بحكم ولهم بغيره فان أطعتموهم أضلوكم وان عصيتموهم قتلوكم قالوا يا رسول الله فكيف بنا ان أدركنا ذلك قال تكونوا كأصحاب عيسى نشروا بالمناشير ورفعوا على الخشب موت في طاعة خير من حياة في معصية ان أول ما كان نقص في بني إسرائيل انهم كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر شبه التعزيز فكان أحدهم إذا لقى صاحبه الذي كان يعيب عليه آكله وشاربه كأنه لم يعب عليه شيئا فلعنهم الله على لسان داود وذلك بما عصوا وكانوا يعتدون والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم ثم ليدعون خياركم فلا يستجاب لكم والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم فلتأطرنه عليه أطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض * وأخرج ابن راهويه والبخاري في الوحدانيات وابن السكن وابن منده والباوردي في معرفة الصحابة والطبراني وأبو نعيم وابن مردويه عن ابن أبزى عن أبيه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر طوائف من المسلمين فأثنى عليهم خيرا ثم قال ما بال أقوام لا يعلمون جيرانهم ولا يفقهونهم ولا يفطنونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتفطنون والذي نفسي بيده ليعلمن جيرانه أو ليتفقهن أو ليفطنن أو لأعاجلنهم بالعقوبة في دار الدنيا ثم نزل فدخل بيته فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعنى بهذا الكلام قالوا ما نعلم يعنى بهذا الكلام الا الأشعريين فقهاء علماء ولهم جيران من أهل المياه جفاة جهلة فاجتمع جماعة من الأشعريين فدخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذكرت طوائف من المسلمين بخير وذكرتنا بشر فما بالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتعلمن جيرانكم ولتفقنهم ولتأمرنهم ولتنهونهم أو لأعاجلنكم بالعقوبة في دار الدنيا فقالوا يا رسول الله فاما اذن فأمهلنا سنة ففي سنة ما نعلمه ويتعلمون فأمهلهم سنة ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود يعنى في الزبور وعيسى يعنى في الإنجيل * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لعن الذين كفروا الآية قال لعنوا بكل لسان لعنوا على عهد محمد في القرآن * وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس لعن الذين كفروا الآية خالطوهم بعد النهى على تجارهم فضرب الله قلوب بعضهم على بعض وهم ملعونون على لسان داود وعيسى بن مريم * وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك الغفاري في الآية قال لعنوا على لسان دود فجعلوا قردة وعلى لسان عيسى فجعلوا خنازير * وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله * وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن قتادة في الآية قال لعنهم الله على لسان داود في زمانهم فجعلهم قردة خاسئين ولعنهم في الإنجيل على لسان عيسى فجعلهم خنازير * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ماذا كان بعضهم قالوا لا يتناهون عن منكر فعلوه * وأخرج أبو الشيخ عن أبي عمرو بن حماس ان ابن الزبير قال لكعب هل لله من علامة في العباد إذا سخط عليهم قال نعم يذلهم فلا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر وفى القرآن لعن الذين كفروا من بني إسرائيل الآية * وأخرج الديلمي في مسند الفردوس على أبى عبيدة بن الجراح مرفوعا قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيا من أول النهار فقام مائة واثنا عشر رجلا من عبادهم فأمروهم ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا في آخر النهار فهم الذين ذكر الله لعن الذين كفروا من بني إسرائيل الآيات * وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والبيهقي عن حذيفة ابن اليمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن ان يبعث الله علكيم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم * وأخرج ابن ماجة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل ان تدعوا فلا يستجاب لكم * وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى إله عليه وسلم من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان * وأخرج أحمد عن
(٣٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 296 297 298 299 300 301 302 303 304 305 306 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة