الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٤
قال كانت مريم حبيسا في الكنيسة ومعها في الكنيسة غلام اسمه يوسف وقد كان أمه وأبوه جعلاه نذيرا حبيسا فكانا في الكنيسة جميعا وكانت مريم إذا نفد ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما فانطلقا إلى المفازة التي فيها الماء فيملأن ثم يرجعان والملائكة في ذلك مقبلة على مريم يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين فإذا سمع ذلك زكريا قال إن لابنة عمران لشأنا * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد يا مريم اقنتي لربك قال أطيلي الركود يعنى القيام * واخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال لما قيل لها اقنتي لربك قامت حتى ورمت قدماها * وأخرج ابن جرير عن الأوزاعي قال كانت مريم تقوم حتى يسيل القيح من قدميها * وأخرج ابن عساكر عن ابن سعيد قال كانت مريم تصلى حتى ترم قدماها * وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير اقنتي لربك قال اخلصي * وأخرج عن قتادة اقنتي لربك قال أطيعي ربك * وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود انه كان يقرأ واركعي واسجدي في الساجدين * وأخرج ابن جريرة عن قتادة في قوله وما كنت لديهم يعنى محمدا صلى الله عليه وسلم * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم قال إن مريم عليها السلام لما وضعت في المسجد اقترع عليها أهل المصلى وهم يكتبون الوحي فاقترعوا بأقلامهم أيهم يكفلها فقال الله لمحمد وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم قال ألقوا أقلامهم في الماء فذهبت مع الجرية وصعد قلم زكريا فكفلها زكريا * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع قال ألقوا أقلامهم يقال عصيهم تلقاء حرية الماء فاستقبلت عصا زكريا عليه السلام جرية الماء فقرعهم * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال أقلامهم قال التي يكتبون بها التوراة * وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله * واخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عطاء أقلامهم يعنى قداحهم * واخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال لما وهب الله لزكريا يحيى وبلغ ثلاث سنين بشر الله مريم بعيسى فبينا هي في المحراب إذ قالت الملائكة وهو جبريل وحده يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك من الفاحشة واصطفاك يعنى اختارك على نساء العالمين عالم أمتها يا مريم اقنتي لربك يعنى صلى لربك يقول اركدي لربك في الصلاة بطول القيام فكانت تقوم حتى ورمت قدماها واسجدي واركعي مع الراكعين يعنى مع المصلين مع قراء بيت المقدس يقول الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ذلك من أبناء الغيب نوحيه إليك يعنى بالخبر الغيب في قصة زكريا ويحيى ومريم وما كنت لديهم يعنى عندهم إذ يلقون أقلامهم في كفالة مريم ثم قال يا محمد يخبر بقصة عيسى إذ قالت الملائكة يا مريم ان الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا يعنى مكينا عند الله في الدنيا من المقربين في الآخرة ويكلم الناس في المهد يعنى في الخرق وكهلا ويكلمهم كهلا إذا اجتمع قبل ان يرفع إلى السماء ومن الصالحين يعنى من المرسلين * واخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن وهب قال لما استقر حمل مريم وبشرها جبريل وثقت بكرامة الله واطمأنت فطابت نفسا واشتد أزرها وكان معها في المحررين ابن خال لها يقال له يوسف وكان يخدمها من وراء الحجاب ويكلمها ويناولها الشئ من وراء الحجاب وكان أول من اطلع على حملها هو واهتم لذلك وأحزنه وخاف منه البلية التي لا قبل له بها ولم يشعر من أين اتيت مريم وشغله عن النظر في أمر نفسه وعمله لأنه كان رجلا متعبدا حكيما وكان من قبل ان تضرب مريم الحجاب على نفسها تكون معه ونشأ معها وكانت مريم إذا نفد ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما ثم انطلقا إلى المفازة التي فيها الماء فيملأن قلتيهما ثم يرجعان إلى الكنيسة والملائكة مقبلة على مريم بالبشارة يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك فكان يعجب يوسف ما يسمع فلما استبان ليوسف حمل مريم وقع في نفسه من أمرها حتى كاد أن يفتتن فلما أراد أن يتهمها في نفسه ذكر ما طهرها الله واصطفاها وما وعد الله أمها انه يعيذها وذريتها من الشيطان الرجيم وما سمع من قول الملائكة يا مريم ان الله اصطفاك وطهرك فذكر الفضائل التي فضلها الله تعالى بها وقال إن زكريا قد أحرزها في المحراب فلا يدخل عليها أحد وليس للشيطان عليها سبيل فمن أين هذا فلما رأى من تغير لونها وظهور بطنها عظم ذلك عليه فعرض فقال يا مريم هل يكون زرع من غير بذر قالت نعم قال وكيف ذلك قالت إن الله خلق البذر الأول من غير نبات وأنبت الزرع الأول من غير بذر ولعلك تقول لولا
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة