الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢١٧
للنبي صلى الله عليه وسلم حين اتهمهم بنقب عليه عمه وأخذ طعامه والدرعين فأتى أسير رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة جمعهم من قومه فقال إن قتادة وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل حسب ونسب وصلاح يؤنبونهم بالقبيح ويقولون لهم مالا ينبغي بغير ثبت ولا بينة فوضع لهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء ثم انصرف فاقبل بعد ذلك قتادة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكلمه فجبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم جبها شديدا منكرا وقال بئسما صنعت وبئسما مشيت فيه فقام قتادة وهو يقول لوددت انى خرجت من أهلي ومالي وإني لم أكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئ من أمرهم وما أنا بعائد في شئ من ذلك فأنزل الله على نبيه في شأنهم انا أنزلنا إليك الكتاب إلى قوله ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم يعنى أسير بن عروة وأصحابه ان الله لا يحب من كان خوانا أثيما * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله انا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله إلى قوله ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فيما بين ذلك في طعمة بن أبيرق درعه من حديد التي سرق وقال أصحابه من المؤمنين للنبي صلى الله عليه وسلم أعذره في الناس بلسانك ورموا بالدرع رجلا من يهود بريئا * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال ذكر لنا ان هذه الآيات أنزلت في شأن طعمة ابن أبيرق وفيما هم به نبي الله صلى الله عليه وسلم من عذره فبين الله شأن طعمة بن أبيرق ووعظ نبيه صلى الله عليه وسلم وحذره أن يكون للخائنين خصيما وكان طعمة بن أبيرق رجلا من الأنصار ثم أحد بنى ظفر سرق درعا لعمه كانت وديعة عندهم ثم قدمها على يهودي كان يغشاهم يقال له زيد بن السمين فجاء اليهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يهتف فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر جاؤوا إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم ليعذروا صاحبهم وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد هم بعذره حتى أنزل الله في شأنه ما انزل فقال ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إلى قوله يرم به بريئا وكان طعمة قذف بها بريئا فلما بين الله شأن طعمة نافق ولحق بالمشركين فأنزل الله في شانه ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين الآية * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال إن نفرا من الأنصار غزوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته فسرقت درع لأحدهم فأظن بها رجلا من الأنصار فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن طعمة بن أبيرق سرق درعي فلما رأى السراق ذلك عمدا إليها فألقاها في بيت رجل برئ وقال لنفر من عشيرته انى غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله ان صاحبنا برئ وان سارق الدرع فلان وقد أحطنا بذلك علما فاعذر صاحبنا على رؤس الناس وجادل عنه فإنه ان لا يعصمه الله بك يهلك فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرأه وعذره على رؤس الناس فأنزل الله انا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله يقول بما أنزل الله إليك إلى قوله خوانا أثيما ثم قال للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا يستخفون من الناس إلى قوله وكيلا يعنى الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين ثم قال ومن يكسب خطيئة الآية يعنى السارق والذين جادلوا عن السارق * وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال كان رجل سرق درعا من حديد في زمان النبي صلى الله عليه وسلم طرحه على يهودي فقال اليهودي والله ما سرقتها يا أبا القاسم ولكن طرحت على وكان الرجل الذي سرق له جيران يبرؤنه ويطرحونه على اليهودي ويقولون يا رسول الله ان هذا اليهودي خبيث يكفر بالله وبما جئت به حتى مال عليه النبي صلى الله عليه وسلم ببعض القول فعاتبه الله في ذلك فقال انا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله بما قلت لهذا اليهودي ان الله كان غفورا رحيما ثم أقبل على جيرانه فقال ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم إلى قوله وكيلا ثم عرض التوبة فقال ومن يعمل سوأ أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب اثما فإنما يكسبه على نفسه فما أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه ومن يكسب خطيئة أو اثما ثم يرم به بريئا وان كان مشركا فقد احتمل بهتانا إلى قوله ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى قال أبى ان يقبل التوبة التي عرض الله له وخرج إلى المشركين بمكة فنقب بيتا يسرقه فهدمه الله عليه فقتله * وأخرج ابن المنذر عن الحسن ان رجلا على عهد
(٢١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة